حاصلة قبل النبوة. (١)
وقال العلّامة الطباطبائي في «الميزان» : إنّ الآية مسوقة لبيان أنّ ما عنده صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي يدعو إليه إنّما هو من عند الله سبحانه لا من قبل نفسه وإنّما أُوتي ما أُوتي من ذلك ، بالوحي بعد النبوة ، فالمراد بعدم درايته بالكتاب عدم علمه بما فيه من تفاصيل المعارف الاعتقادية والشرائع العملية ، فإنّ ذلك هو الذي أُوتي العلم به بعد النبوّة والوحي ، والمراد من عدم درايته الإيمان ، عدم تلبسه بالالتزام التفصيلي بالعقائد الحقة والأعمال الصالحة ، وقد سمى العمل إيماناً في قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) (٢) ، والمراد الصلوات التي أتى بها المؤمنون إلى بيت المقدس قبل النسخ ، والمعنى ما كان عندك قبل وحي الروح ، علم الكتاب بما فيه من المعارف والشرائع ولا كنت متلبساً به بما أنت متلبس به بعد الوحي من الالتزام التفصيلي والاعتقادي ، وهذا لا ينافي كونه مؤمناً بالله موحداً قبل البعثة صالحاً في عمله ، فإنّ الذي تنفيه الآية هو العلم بتفاصيل ما في الكتاب والالتزام بها اعتقاداً وعملاً ، لا نفي العلم والالتزام الإجماليين بالإيمان بالله والخضوع للحق. (٣)
* الآية الرابعة : عدم رجائه إلقاء الكتاب إليه
قال تعالى : (وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ) (٤).
__________________
(١). مفاتيح الغيب : ٧ / ٤١٠. ولاحظ روح البيان : ٨ / ٣٤٧ ؛ روح المعاني : ١٥ / ٢٥.
(٢). البقرة : ١٤٣.
(٣). الميزان : ١٨ / ٨٠.
(٤). القصص : ٨٦.