يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ) ، فظاهرُ المنازعة هو ما جاء بعد هذه الجملة بضميمة لفظة الفاء ، فقال جماعة : (ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً) ، أي اجعلوا عليهم بنياناً كبيراً ، ويدلّ على الوصف تنكير (بُنْياناً) ، وقد صرّح الجوهري وابن منظور بأنّ البنيان بمعنى الحائط (١) ، ولذلك فسّره القاسمي بقوله : أي باب كهفهم بنياناً عظيماً كالخانقاهات والمشاهد والمزارات المبنيّة على الأنبياء وأتباعهم (٢) ، تستر أجسادهم وتعظّم أبدانهم ، ربهم أعلم بهم.
ولكن قال آخرون الذين غلبوا على أمر القائلين بالقول الأول وصار البلد تحت سلطتهم (لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً) ومعبداً وموضعاً للعبادة والسجود يتعبّد الناس فيه ببركاتهم.
هذا هو الظاهر المستفاد من الآية.
قال الرازي : (قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ) قيل : المراد به الملك المسلم وأولياء أصحاب الكهف ، وقيل : رؤساء البلد ، (لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً) نعبد الله ، وستبقى آثار أصحاب الكهف بسبب ذلك المسجد (٣).
وقال أبو حيان الأندلسي : روي أنّ التي دَعت إلى البنيان ماتت كافرة ، أرادت بناء مصنع لكفرهم ، فمانعهم المؤمنون وبنوا عليهم مسجداً (٤).
__________________
(١) الجوهري ، الصحاح ٦ : ٢٢٨ مادة بناء ؛ وابن منظور ، اللسان ١ : ٥١٠ تلك المادة.
(٢) القاسمي ، محاسن التأويل ٧ : ٢١.
(٣) الرازي ، مفاتيح الغيب ٢١ : ١٠٥.
(٤) أبو حيان محمد بن يوسف (٦٥٤ ـ ٧٥٤ ه) ، البحر المحيط ج ٦.