وقال أبو السعود (ت ٩٥١) : و (قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ) وهم الملك والمسلمون (لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً) (١).
وقال الزمخشري في الكشاف : و (قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ) من المسلمين وملكهم وكانوا أولى بهم وبالبناء عليهم ليتّخذ على باب الكهف مسجداً يصلّي فيه المسلمون ويتبرّكون بمكانهم (٢).
إلى غير ذلك من الكلمات الواردة في تفسير الآية ، وكأنَّ الاتفاق موجود على أنّ القول بايجاد البنيان على باب الكهف كان لغير المسلمين ، والقول ببناء المسجد على بابه قول المسلمين ، والذي يدلّ على ذلك أمران :
الأوّل : إنّ اتّخاذ المسجد دليل على أنّ القائل كان موحّداً مسلماً غير مشرك ، فأيّ صلة للمشرك ببناء مسجد على باب الكهف ، ولو كان المشركون يهتمّون بعمارة المسجد الحرام فلأجل أنّه أُنيطَ بالبيت كيانهم وعظمتهم في الأوساط العربيّة ، بحيث كان التخلّي عنها مساوقاً لسقوطهم عن أعين العرب في الجزيرة كتكريمهم البيت الحرام.
أفبعدَ اتّفاق أكابر المفسّرين هل يصحّ لباحثٍ أن يشكّ في أنّ القائلين ببناء المسجد على قبورهم كانوا هم المسلمين الموحّدين؟!
الثاني : ما رواه الطبري في تفسير قوله : (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ) قال : إنّ المبعوث دخل المدينة فجعل يمشي بين سوقها فيسمع أُناساً كثيراً يحلفون باسم عيسى بن مريم فزاده فزعاً ورأى أنّه
__________________
(١) أبو السعود محمد بن محمد العمادي ، التفسير ٥ : ٢١٥.
(٢) الزمخشري ، الكشاف ٢ : ٢٤٥.