أمراً ممكناً.
أمّا الأوّل ، فمثل قوله : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) (البقرة / ١٤٣) وغيرها كسورة آل عمران (الآيات ٧٩ و ١٦١) ، أي ليس من شأن الله سبحانه وهو العادل الرءوف أن يضيع أيمانكم.
وأمّا الثاني ، فمثل قوله : (ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً) (آل عمران / ١٤٥) ، أي لا يمكن لنفس أن تموت بدون إذنه سبحانه.
فيكون معنى الآيتين بناءً على الاستعمال الأول : هو ليس من شأن الله تعالى أن يعذّب الناس أو يهلكهم قبل أن يبعث إليهم رسولاً.
وعلى الاستعمال الثاني : هو ليس من الممكن أن يعذّب الله الناس أو يهلكهم قبل أن يبعث إليهم رسولاً.
وعلى كلّ تقدير ، فدلالة الآيتين على الإباحة واضحة ، إذ ليست لبعث الرسل خصوصية وموضوعية ، ولو أُنيط جواز العذاب ببعثهم فإنّما هو لأجل كونهم وسائط للبيان والإبلاغ ، والملاك هو عدم جواز التعذيب بلا بيان وإبلاغ ، وأنّ التعذيب ليس من شأنه سبحانه ، أو أنّه ليس أمراً ممكناً حسب حكمته.
٥ ـ قال سبحانه : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ) (الشعراء / ٢٠٨).
فإنّ هذه الآية مشعرة بأنّ الهلاك كان بعد الإنذار والتخويف ، وأنّ اشتراط الانذار كناية عن البيان وإتمام الحجّة.
٦ ـ قوله سبحانه : (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى) (طه / ١٣٤).