كلّا ولا العلماء قد حصرت به |
|
هي في بقاع الأرض ذات تعدّد |
كلّا ولا من وافقوه لخوفهم |
|
أو جهلهم من خائف ومقلّد |
والجُلُّ من علماء طيبة ساكت |
|
للخوف مكفوف اللسان مع اليد (١) |
كيف يدّعي الإجماع على التحريم مع أنّ فقهاء المذاهب الأربعة في العصر الحاضر اتّفقوا على الكلمة التالية : يكره أن يبنى القبر ببيت أو قبّة أو مسجد (٢) ، أين الكراهة من الحرمة ، وأين هي من الشرك؟ وهذا النووي شارح صحيح مسلم يقول في شرح حديث أبي الهياج الذي سيوافيك نصّه : أمّا البناء فإن كان في ملك الباني فمكروه وإن كان في مقبرة مسبلة فحرام ، نصّ عليه الشافعي والأصحاب (٣).
إنّ التحريم في الصورة الثانية لكونه مزاحماً للانتفاع ، وعلى خلاف أهداف الواقف وأغراضه ، وأين هو من البناء على أرض مشتراة أو مهداة أو موات فلا تترتّب عليها تلك الحرمة.
دفن النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله في بيته الرفيع ولم يخطر ببال أحد من الصحابة الحضور أنّ البناء على القبر حرام وأنّه صلىاللهعليهوآله نهى عنه نهياً مؤكداً ، ولمّا كان البيت متعلّقاً بالسيدة عائشة جعلوا في وسطه ساتراً ، ولمّا توفّي الشيخان أوصيا بدفنهما في حجرة النبي صلىاللهعليهوآله تبركاً بذاته ومكانه ، ولم تُسْمَع عن أي ابن انثى نعيرةُ أنّه حرام ولا مكروه ، وعلى ذلك استمرّت سيرة المسلمين في حقّ العلماء والأولياء ، يدفنونهم في البيوت المعدّة
__________________
(١) محسن الأمين ، كشف الارتياب : ٢٩٥ وهي مطبوعة في آخر الكتاب.
(٢) الجريري ، الفقه على المذاهب الأربعة ١ : ٤٣١.
(٣) النووي ، شرح صحيح مسلم ج ١٧ كتاب الجنائز ط مصر.