أمّا الأوّل : فقال صاحب القاموس : والشرف ، محركة العلو ، ومن البعير سنامه ، وعلى ذلك يحتمل المراد منه مطلق العلوّ ، أو العلوّ الخاص كسنام البعير الذي يعبّر عنه بالمسنَّم ولا يتعيّن أحد المعنيين إلّا بالقرينة.
أمّا الثاني : فهو تارةً يُستخدم في بيان مساواة شيء بشيء في الطول أو العرض ، فيقال : هذا القماش يساوى بهذا الآخر في الطول.
وأُخرى في التسوية ، أي كون الشيء مسطّحاً لا انحناء ولا تعرّج فيه.
والفرق بين المعنيين واضح ، فإنّ التسوية في الأوّل وصف للشيء بمقايسته مع شيء آخر ، وفي الثاني وصف لنفس الشيء ولا علاقة له بشيء آخر.
فلو استعمل في المعنى الأوّل لتعدّى إلى مفعولين : أحدهما بلا واسطة ، والآخر بمعونة حرف الجرّ ، قال تعالى حاكياً عن لسان المشركين وأنّهم يخاطبون آلهتهم بقولهم : (إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) ، أي نعدّ الآلهةَ الكاذبة مساويةً بربّ العالمين في العبادة أو في الاعتقاد بالتدبير.
وقال سبحانه حاكياً عن حال الكافرين يوم القيامة : (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) (النساء / ٤٢) ، أي يودّون أنْ يكونوا تراباً أو ميتاً مدفوناً تحت الأرض ، ويكون هؤلاء والأرض متساوية.
ترى أنّ تلك المادة تعدّت إلى مفعولين وأُدخل حرف الجرّ على المفعول الثاني.