بالمدينة من فتحها وأخذ ما فيها ، ولم يتعرّض لهذه (١) الدّار أحد ، وكان الحاكم قد أنفذ رجلا ومعه صلات العلويين وزادهم ، وأمره أن يجمعهم ويعلمهم إيثاره لفتح هذه الدّار ، والنّظر إلى ما فيها من آثار جعفر بن محمد ، وحمل ذلك إليه ليراه ويردّه ، ووعدهم على ذلك بالإكرام ، فأجابوه ، ففتحت ، فوجد فيها مصحف وقعب من خشب مطوّق بحديد ، ودرقة خيزران وحربة وسرير ، فحمل ذلك ، ومضى معه جماعة من الحسينيين ، ولما وصلوا إلى مصر أعطاهم مبلغا ، وردّ عليهم السّرير وأخذ الباقي ، وقال : أنا أحقّ به (٢).
وأمر بعمارة «دار العلم» (٣) ، وأحضر فيها فقهاء ومحدّثين. وعمّر أيضا الجامع الحاكمى بالقاهرة ، واتّصل الدعاء له ، فبقي كذلك ثلاث سنين ، ثم أقبل يقتل أهل العلم ، وأغلق دار العلم ، ومنع من كل ما يفعل من الخير (٤) ، ثم قتل سرّا (٥).
* * *
وحجّ بالنّاس من العراق أبو الحارث محمد بن محمد بن عمر العلويّ الكوفي. (٦)
وفيها غزا (٧) محمود بن سبكتكين الهند ، فكانت وقعة نارين ، ونصر الله الإسلام ، فله الحمد ، وغنم المسلمون ما لا يحدّ ولا يوصف ، وطلب صاحب الهند الهدنة ، وبعث بتحف وتقادم مع أقاربه (٨).
قال أبو النّصر محمد بن عبد الجبّار في سيرة السلطان محمود : نشط
__________________
(١) في الأصل «لهذا».
(٢) المنتظم ٧ / ٢٤٦ ، الكامل ٩ / ٢١٩ ، البداية والنهاية ١١ / ٣٤٢.
(٣) انظر عنها في : المغرب في حلى المغرب ٦٠.
(٤) المنتظم ٧ / ٢٤٦ ، ٢٤٧ ، مرآة الجنان ٢ / ٤٥٢ ، البداية والنهاية ١١ / ٣٤٢ ، شذرات الذهب ٣ / ١٥٨.
(٥) تأخر قتل الحاكم حتى سنة ٤١٠ ه أو ٤١١ ه.
(٦) المنتظم ٧ / ٢٤٧.
(٧) في الأصل «غزي».
(٨) الكامل في التاريخ ٩ / ٢١٣.