المانعة من الصَّرف ثانيا فلو كان العدلُ فى المعنى ثِقَلا لكان فى سائر الاشتقاق كذلك كما أنّ التعريفَ لما كان ثِقَلا كان مع سائر الاسباب المانعة للصرف كذلك ولو كان كذلك لكان يجب من هذا متى انضم الى بعض المشتقات من أسماء الفاعِلِين أو المَفْعُولِين أو المكانِ أو الزّمانِ أو غيرِ ذلك التعريفُ أن لا يَنْصَرِفَ لحصول المعنيين فيه وهما عَدْل المعنى والتعريفُ كما لا ينصرف اذا انضم الى عدل اللفظ التعريفُ وليس الامرُ كذلك فاذا كان الحكم بالعدل فى المعنى يُؤَدّى الى هذا الذى هو خطأ بلا اشكال عَلِمتَ أنه فاسد وأيضا فانّ العَدْلَ فى المعنى فى هذه الاشياء لا يَصِحُّ كما صحّ العدل فى اللفظ لانّ المعانىَ التى كانت أسماءُ المعدولِ عنها تَدُلُّ عليها مرادةٌ مع الالفاظ المعدولة كما كانت المرادَة فى الالفاظ المعدول عنها هى فكيف يجوز أن يقال انها معدولٌ عنها كما يقال فى الالفاظ وهى مُرَادةٌ مقصودة ألا ترى أنك تريد فى قولك عُمر المعنى الذى كان يدل عليه عامر فاذا كان كذلك لم يكن قولُ من قال ان مَثْنَى ونَحْوَهُ انه لم ينصرف لانه عُدِلَ فى اللفظ والمعنى بمستقيم واذا كان العدل ما ذكرناه من أنه لَفْظٌ يراد به لفظٌ آخَرُ لم يمتنِعْ أن يكونَ العدلُ واقعا على النكرة كما يقع على المعرفة ولم يجز أن يتكرر العدل فى اسم واحد واذا كان كذلك فقول أبى اسحق فى مَثْنَى وثُلاثَ ورُباع لم ينصرف لجهتين لا أعلم أحدا من النحويين ذكرهما وهما أنه اجتمع فيه علتان معدول عن اثنتين اثنتين وأنه عدل عن تأنيث خطأ وذلك أنه لا يخلو أن يكون لما عدل عن اثنتين اثنتين وثلاثا ثلاثا وعدل عن التأنيث تكرر فيه العدل كما تكرر الجمع فى أكالب ومساجد أو يكون لما عدل عن التأنيث كان ذلك ثقلا آخر من حيث كان المعدول عنه مؤنثا ولم يكن الاوّل المذكّر فلا يجوز أن يكون العدل متكررا فى هذا كما تكرر الجمع فى أكالب ومساجدَ والتأنيثُ فى بُشْرَى ونحوه لما قدمناه من أن العدل انما هو أن يريد باللفظ لفظا آخر واذا كان كذلك لم يجز أن يتكرر هذا المعنى لا فى المعدول عنه ولا فى المعدول ألا ترى أنه لا يستقيم أن يكون معدولا عن اسمين كما لا يجوز أن يكون المعدول اسمين ولا يُوهِمنَّك قول النحويين انه عدل عن اثنين اثنين أنهم