وعليه اطمار رثة وطيلسان صوف فحضر المأتم وقد حضر شعراء الدولة فأنشدوا مراثيهم على مراتبهم فقام في آخرهم ، وأنشد قصيدته التي أولها :
ما للرياض تميل
سكرا |
|
هل سقيت بالمزن
خمرا |
الى أن وصل إلى قوله :
أفكر بلاء
بالعرا |
|
ق وكربلاءُ بمصر
اخرى |
فذرفت العيون وعج القصر بالبكا والعويل وانثالت عليه العطايا من كل جانب وعاد الى منزله بمال وافرٍ حصل له من الامراء والخدم وحظايا القصر وحمل إليه من قبل الوزير جملة من المال.
وقيل له : لو لا انه العزاء والمأتم ، لجاءتك الخلع.
قال : وكان على جلالته وفضله ومنزلته من العلم والنسب قبيح المنظر أسود الجلدة جهم الوجه سمج الخلقة ذا شفة غليظة وانف مبسوط ، كخلقة الزنوج ، قصيراً.
حدثني الشريف المذكور عن ابيه قال كنت أنا والرشيد بن الزبير والفقيه سليمان الديلمي ، نجتمع بالقاهرة في منزل واحد فغاب عنا الرشيد وطال انتظارنا له وكان ذلك في عنفوان شبابه وإبان صباه فجاءنا ، وقد مضى معظم النهار ، فقلنا له : ما أبطأ بك عنا؟ فتبسم وقال لا تسألوا عما جرى علىَّ اليوم فقلنا : لا بد من ذلك ، فتمنّع ، وألححنا عليه ، فقال : مررت اليوم بالموضع الفلاني ، واذا امرأة شابة صبيحة الوجه وضيئة المنظر حسانة الخلق ظريفة الشمائل فلما رأتني نظرت إلي نظر مطمع لي في نفسه فتوهمت أنني وقعت منها بموقع ونسيت نفسي وأشارت إلي بطرفها ، فتبعتها