وفجورهم أنّهم سلّموا عليّ بإمرة المؤمنين بأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله وهي الحجّة عليهم وعليك خاصّة وعلى هذا الذي معك ـ يعني الزبير ـ وعلى الامّة وعلى هذين ـ وأشار إلى سعد وابن عوف ـ وعلى خليفتكم هذا الظالم ـ يعني عثمان ـ.
وإنّا معشر الشورى ستّة أحياء كلّنا فلم جعلني عمر في الشورى إن كان قد صدّق هو أصحابه على رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : ليس لنا في الخلافة شيء ، أليس أمرنا شورى في الخلافة أم في غيرها؟
وإن زعمتم إنّما جعلها في غير إمارة فليس لعثمان إمارة علينا لأنّه أمرنا أن نتشاور في غيرها (١) ، وإن كانت المشورة فيها فلم أدخلني فيكم؟ فهلّا أخرجني وقد كان شهد أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أخرج أهل بيته من الخلافة وأخبر أنّه لا نصيب لهم فيها ، ولم قال عمر حين دعانا رجلا رجلا فقال لابنه وكان شاهدا : يا عبد الله بن عمر أنشدك الله ما قال لك حين خرجنا ، قال ابن عمر : أما إذ ناشدتني فإنه قال : إن بايعوا أصلع بني هاشم يحملهم على المحجّة البيضاء هو أقواهم على كتاب الله عزوجل وسنّة نبيّهصلىاللهعليهوآله قال : فقال عليّ عليهالسلام له : ما قلت له حين قال لك ذلك؟
قال : قلت : ما يمنعك أن تستخلفه؟ قال (علي) : فما ردّ عليك؟
قال (ابن عمر) : ردّ عليّ شيئا أكتمه.
قال عليّ : فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أخبرني به (٢) قبل موته بثلاثة أيّام ، وليلة مات فيها أبوك رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله في منامي ـ ومن رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله في منامه فقد رآه في اليقظة ـ فقال له ابن عمر :
فما أخبرك؟
فقال له عليّ : أنشدك الله يا ابن عمر أنّي إن أخبرتك به لتصدقني.
قال ابن عمر : أو أسكت.
قال : فإنّه حين قال لك قلت له أنت : فما يمنعك أن تستخلفه؟ قال (عمر) : الصحيفة التي كتبناها والعهد في الكعبة في حجّة الوداع ، قال : فسكت ابن عمر وقال : أسألك بحقّ رسول اللهصلىاللهعليهوآله لمّا أمسكت عنّي.
قال أبان عن سليم : فرأيت ابن عمر في ذلك المجلس قد خنقته العبرة وعيناه تسيلان دموعا.
ثمّ أقبل علي على طلحة والزبير وابن عوف وسعد فقال : والله إن كان أولئك الخمسة كذبوا على رسول الله صلىاللهعليهوآله فما يحلّ لكم ولايتهم ، وإن كانوا صدقوا فما حلّ لكم أن تدخلوني معكم في الشورى ، لأنّ ادخالكم إيّاي فيها خلاف على رسول الله صلىاللهعليهوآله ورغبة عنه ، ثمّ أقبل على الناس فقال :
__________________
(١) أي بناء على تفسير الشورى بغير الامارة.
(٢) في المصدر : قد أخبرني بكل ما قال لك وقلت له.