ويؤدّي ديني وأمانتي ، ويقاتل عن سنّتي غيري. فلمّا ولي أبو بكر ما قضى عن رسول الله دينه ولا عداته فاتبعتهما جميعا فقضيتهما عنه. وأخبرني أنّه لا يقضي دينه ولا عداته غيري ، فلم يكن ما أعطاهم أبو بكر قضاء لدينه وعداته وإنّما كان قضائي دينه وعداته هو الذي أبرأ ذمّته وقضى أمانته ؛ وإنّما يبلّغ عن رسول الله صلىاللهعليهوآله جميع ما جاء به من بعده ، الأئمّة الذين افترض الله في الكتاب طاعتهم وأمر بولايتهم ، الذين من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله. فقال طلحة : فرّجت عنّي ما كنت أدري ما عنى بذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى فسّرتها إليّ فجزاك الله يا أبا الحسن عن جميع الامّة.
يا أبا الحسن شيء أريد أن أسألك عنه : رأيتك خرجت بثوب مختوم فقلت : أيّها الناس إنّي لم أزل مشغولا برسول الله صلىاللهعليهوآله ـ بتكفينه ودفنه ـ ثمّ شغلت بكتاب الله عزوجل حتّى جمعته ، وهذا كتاب الله عندي مختوم لم يسقط عليّ منه حرف واحد ، فلم أر ذلك الكتاب الذي كنت كتبت وألّفت فيه ، وقد رأيت عمر بعث إليك حين استخلف أن تبعث به إليه ، فأبيت أن تفعل ، فدعا عمر الناس فإذا شهد رجلان على آية [أنّها] قرآن كتبها ، وإن لم يشهد عليها إلّا واحد رماها ولم يكتبها. وقد قال عمر وأنا أسمع : إنّه قد قتل يوم اليمامة قوما كانوا يقرءون قرآنا لا يقرأه غيرهم فذهب. وقد جاءت غنيمة إلى صحيفة وكتّاب عمر يكتبون فأكلتها فذهب ما فيها ، والكتاب يومئذ كتاب عثمان. وسمعت عمر وأصحابه الذين كتبوا ما ألّفوا على عهد عمر وعهد وعثمان يقولون : إن الأحزاب كانت تعدل سورة البقرة ، والنور ستّون ومائة آية ، والحجرات ستون آية. فما هذا ، وما يمنعك رحمك الله أن تخرج ما ألّفت للناس وقد عهد عثمان حين أخذ ما ألف عمر فجمع إليه الكتاب وحمل الناس على قراءة واحدة ، ومزّق مصحف أبي بن كعب ومصحف ابن مسعود وحرقهما بالنيران ، فما هذا؟
قال عليّ : يا طلحة إن كلّ آية أنزلها الله عزوجل على محمد صلىاللهعليهوآله عندي ، املاء رسول الله صلىاللهعليهوآله وخطّي بيدي ، وتأويل كل آية أنزلها الله على محمد صلىاللهعليهوآله ، وكل حلال وكل حرام وحدّ وحكم ، وكل شيء تحتاج إليه الأمّة حتّى أرش الخدش. قال طلحة : كل شيء من صغير وكبير أو خاص أو عام أو كان أو يكون إلى يوم القيامة فهو عندك مكتوب؟
فقال عليّ عليهالسلام : نعم وسوى ذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوآله أسرّ إليّ في مرضه الذي مات فيه مفتاح ألف باب من العلم يفتح كلّ باب ألف باب ، ولو أن الأمّة منذ قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله اتّبعوني وأطاعوني لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، يا طلحة أليس قد شهدت رسول الله صلىاللهعليهوآله حين دعا بالكتف ليكتب فيها ، لئلّا تضل الامّة ولا تختلف فقال صاحبك ما قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله يهجر ، فغضب