الثاني عشر : صاحب كتاب «سير الصحابة» : وأما شرح أحوال محمد بن أبي بكر وعبد الله بن عمر ، فإنّهما يتحابان في الله ، وكان عبد الله بن عمر فقيها عارفا بالشرع من لفظ رسول اللهصلىاللهعليهوآله فلمّا ساعد أبا بكر وعمر أكثر الناس على ما فعلا ، تأخرا عن أبويهما فبعث أبو بكر وعمر إلى محمد وعبد الله ، فلمّا أتيا قال لهما عمر : لما ذا تأخرتما؟ فقال عبد الله لمحمد : كن أنت على ما أنت عليه قابضا على حسامك فأيهما اعتدى عليّ في الكلام فأنا له وأيهما اعتدى علينا في الفعال فكن أنت له.
فقال محمد : سمعا وطاعة ، ثمّ التفت عبد الله بن عمر وقال : ما تريد منا؟ قال : لم لا تصليان خلف أبي بكر؟ قال عبد الله : قد سألتكما على شرط لا تكتما في خلوتكما حقا ، قالا : لا فاسأل عمّا بدا لك ، فقال عبد الله : يا عمر هل لاسمعتك وأنت تقول لعليّ عليهالسلام : بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت اليوم مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة؟ قال له عمر : يا عبد الله أما تخاف الله في أبيك أنا أقول لك يا بني وأنت تقول يا عمر. فقال عبد الله : السؤال فأجبني واسال بعد ذلك.
فقال عمر : بلى أنا القائل لعليّ : بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة.
فقال : يا عمر هل أنت وأبو بكر مؤمنان أم لا؟
قال : بلى.
قال عبد الله : فما جزاء عبد عق مولاه وخالف أمره وعاق عليه ، أتخوّفني بالعقوبة والعقوبة يا عمر إذا عق العبد مولاه عق الولد أباه والحجة معي ولي في كتاب الله تعالى قوله : (وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما).
يا عمر أما سمعت قول النبيّ صلىاللهعليهوآله على عبد عق مولاه لعنه الله قولوا آمين ، فقال الصحابة : آمين؟ فقال عمر : يا بني أما سمعت النبيّ صلىاللهعليهوآله يلعن عاق والديه؟ فقال عبد الله : أينا أسبق إلى العقوق نحن أم أنتما ، دع العقوق حتّى ندع العقوق ، يا عمر إنك ألم تعلم بعينيك أنت إذا أوذت واحدة هاجت الأخرى عليك ، لا تسم ذلك إلينا ثمّ سمّ ذلك إليك لا تعلمني عقوقا ولا تحرمني عليك يا عمر إذا ملت إلى شهوتك طرقت غير دينك ، يا عمر قال الله تعالى : (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ) الآية يا عمر كما برّأ الله نوحا من ولده برّأني منك ، يا عمر هذا أبو بكر إيمانه أوفى من إيمانك أم لا؟
قال عمر : بلى.
قال عبد الله : افتريد طاعته لعليّ أكثر من طاعتك ، إن زعمت أنه أرادكما فقد اتفقتما على الباطل