السابع عشر : ابن بابويه قال : حدّثنا أبي رضى الله عنه قال : حدّثنا سعد بن عبد الله قال : حدّثنا أحمد ابن عبد الله البرقي عن أبيه عن خلف بن حماد الأسدي عن أبي الحسن العبدي عن الأعمش عن عبابة ابن ربعي عن عبد الله بن عباس قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله لما أسرى به إلى السماء انتهى إلى نهر يقال له النور وهو قول الله عزوجل : (جَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) فلمّا انتهى إلى ذلك النهر قال له جبرائيل : يا محمد اعبر على بركة الله قد نوّر الله لك بصرك ومدّ لك أمامك فإن هذا نهر لم يعبره أحد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل غير أن لي في كل يوم اغتماسة فيه ثمّ أخرج منه فأنفض أجنحتي فليس من قطرة تقطر من أجنحتي إلّا خلق الله تبارك وتعالى منها ملكا مقرّبا له عشرون ألف وجه وأربعون الف لسان كل لسان يلفظ بلغة لا يفقهها اللسان الآخر ، فعبر رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى انتهى إلى الحجب ، والحجب خمسمائة حجاب من الحجاب إلى الحجاب مسيرة خمسمائة عام ، ثمّ قال : تقدّم يا محمد ، فقال لجبرائيل : ولم لا تكون معي؟
قال : ليس لي أن أجوز هذا المكان ، فتقدّم رسول الله صلىاللهعليهوآله ما شاء الله أن يتقدّم حتّى سمع ما قال الربّ تبارك وتعالى : أنا المحمود وأنت محمد شققت اسمك من اسمي فمن وصلك وصلته ومن قطعك بتلته ، انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك ، وإني لم أبعث نبيّا إلّا جعلت له وزيرا وإنك رسولي وإن عليّا وزيرك. فهبط رسول الله صلىاللهعليهوآله فكره أن يحدّث الناس بشيء كراهية أن يتهموه ؛ لأنّهم كانوا حديثي عهد بجاهلية حتّى مضى لذلك ستة أيام ، فأنزل الله تبارك وتعالى : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) (١) فاحتمل رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى كان يوم الثامن فأنزل الله تبارك وتعالى عليه: (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (٢) فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : تهديد بعد وعيد لأمضين لأمر الله عزوجل فإن يتهموني ويكذبوني فهو أهون عليّ من أن يعاقبني العقوبة الموجعة في الدنيا والآخرة ، قال : وسلم جبرائيل على عليّ عليهالسلام بإمرة المؤمنين ، فقال عليّ عليهالسلام : يا رسول الله أسمع الكلام ولا أحس الرؤية؟
فقال : يا عليّ هذا جبرائيل أتاني من قبل ربّي بتصديق ما وعدني ، ثمّ أمر رسول اللهصلىاللهعليهوآله رجلا رجلا من أصحابه حتّى سلموا عليه بإمرة المؤمنين ، ثمّ قال : يا بلال ناد في الناس أن لا يبقى غدا أحد إلّا عليل إلّا خرج إلى غدير خم ، فلمّا كان من الغد خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله بجماعة أصحابه فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : أيّها الناس إن الله تبارك وتعالى أرسلني إليكم برسالة وإني ضقت بها ذرعا مخافة أن تتهموني وتكذّبوني حتّى أنزل الله عليّ وعيدا بعد وعيد فكان تكذيبكم إياي
__________________
(١) هود : ١٢.
(٢) المائدة : ٦٧.