يا علي إن الهدى اتباع أمر الله دون الهوى والرأي ، وكأنك بقوم قد تأولوا القرآن وأخذوا بالشبهات فاستحلوا الخمر والنبيذ والبخس بالزكاة والسحت بالهدية قلت : يا رسول الله فما هم إذا فعلوا ذلك؟ أهم بأهل فتنة أم أهل ردة؟ فقال : هم أهل فتنة يعمهون فيها إلى أن يدركهم العدل فقلت : يا رسول الله العدل منّا أم من غيرنا؟ فقال : بل منا ، بنا فتح الله وبنا يختم الله ، وبنا الّف الله بين القلوب بعد الشرك ، وبنا يؤلف بين القلوب بعد الفتنة ، فقلت الحمد لله على ما وهب لنا من فضله (١).
السادس : سليم بن قيس الهلالي في كتابه قال : قال رسول الله : علي أخي أفضل أمتي ، وحمزة وجعفر هذان أفضل أمتي بعد علي وبعد ابني وسبطي الحسن والحسين وبعد الأوصياء من ولد ابني هذا ، وأشار بيده إلى الحسين عليهالسلام منهم المهدي ، إنّا أهل بيت اختار الله عزوجل لنا الآخرة على الدنيا ، ثم نظر رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى فاطمة عليهاالسلام وإلى بعلها والى ابنيها فقال : يا سلمان أشهد الله أني حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم ، أما إنّهم معي في الجنة ، ثم أقبل النبي صلىاللهعليهوآله على علي عليهالسلام فقال : يا أخي إنك ستلقى بعدي من قريش شدّة من تظاهرهم عليك وظلمهم لك ، فإن وجدت أعوانا عليهم فجاهدهم وقاتل من خالفك بمن وافقك ، وإن لم تجد أعوانا فاصبر وكف يدك ولا تلق بها إلى التهلكة ، فإنك بمنزلة هارون من موسى ولك بهارون أسوة حسنة أنّه قال لأخيه موسى : (إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي) (٢) (٣).
السابع : سليم بن قيس الهلالي قال : قال أشعث بن قيس لأمير المؤمنين : فهلّا فعلت فعل ابن عفان ، فقال علي عليهالسلام أو كما فعل ابن عفان رأيتموني فعلت؟ أنا أعوذ بالله من شر ما تقول يا ابن قيس ، والله إن الذي فعل ابن عفان وحمله على ذلك من لا دين له ، فكيف أفعل ذلك وأنا على بينة من ربي وحجة في يدي والحق معي؟ والله إن امرأ يمكّن عدوه من نفسه يأكل من لحمه ويفري جلده ويهشم عظمه ويسفك دمه ، وهو يقدر على أن يمنعه لعظيم وزره ضعيف عقله أو ما ضمت عليه جوانح صدره ، فكن أنت ذلك يا ابن قيس ، فأما أنا فدون ، والله إن أعطى بيدي ضرب بالمشرفي تطير له فراش إلهام وتطير منه الأكف والمعاصم ويفعل الله بعد ذلك ما شاء ، ويلك يا ابن قيس إن المؤمن يموت بكل ميتة غير أنه لا يقتل نفسه فمن قدر على حقن دمه ، ثم خلا بينه وبين قاتله فهو قاتل نفسه ، يا ابن قيس إن هذه الأمة تفترق ثلاثا وسبعين فرقة منها واحدة في الجنة واثنتان
__________________
(١) أمالي الطوسي ٦٦ / ٩٦.
(٢) الأعراف : ١٥٠.
(٣) كتاب سليم بن قيس : ٢ / ٥٦٧ ـ ٥٦٨ / ح ١.