الرحيم ، أقرّ محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، وأشهد على نفسه في صحّة عقله وبدنه وجواز أمره أن لأبي الصمصام عليه وعنده وفي ذمّته ثمانين ناقة ، حمر الظهور بيض البطون ، سود الحدق ، عليها من طرائف اليمن ونقط الحجاز» وأشهد عليه جميع أصحابه ، وخرج أبو الصمصام إلى أهله ، فقبض النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فقدم أبو الصمصام وقد أسلم بنو العبس كلّهم فقال أبو الصمصام : ما فعل رسول الله صلىاللهعليهوآله؟
قالوا : قبض.
قال : فمن الوصي بعده؟
قالوا : ما خلّف نبيّنا أحدا ، فقال : فمن الخليفة من بعده؟
قالوا : أبو بكر ، فدخل أبو الصمصام المسجد ، فقال : يا خليفة رسول الله إن لي على رسول الله دينا ثمانين ناقة حمر الظهور ، بيض البطون ، سود الحدق ، عليها من طرائف اليمن ونقط الحجاز ، فقال أبو بكر : يا أخا العرب سألت ما فوق العقل ، والله ما خلف فينا رسول الله صلىاللهعليهوآله لا صفراء ولا بيضاء ، خلّف فينا بغلته الذلول ودرعه الفاضلة فأخذها عليّ بن أبي طالب ، وخلّف فينا فدكا فأخذناها نحن بحقّ ونبيّنا محمد لا يورث ، فصاح سلمان الفارسي : كردي ونكردى ، وحق أمير بردي يا أبا بكر (بازگذار اين كار بكسى كه حق اوست) ، فقال : ردّ العمل إلى أهله ، ثمّ مدّ يده إلى أبي الصمصام فأقامه إلى منزل عليّ بن أبي طالب وهو يتوضأ وضوء الصلاة فقرع سلمان الباب فنادى عليّ عليهالسلام : «أدخل أنت وأبو الصمصام العبسي».
فقال أبو الصمصام : أعجوبة وربّ الكعبة ، من هذا الذي سمّاني ولم يعرفني؟
فقال سلمان : الفارسي رضى الله عنه : هذا وصيّ رسول الله صلىاللهعليهوآله ، هذا الذي قال له الرسولصلىاللهعليهوآله : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب».
هذا الذي قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : «عليّ خير البشر ، فمن رضي فقد شكر ، ومن أبى فقد كفر».
هذا الذي قال الله تعالى فيه : (وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) (١).
هذا الذي قال الله تعالى : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) (٢).
وهذا الذي قال الله عزوجل فيه : (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ) (٣).
__________________
(١) مريم : ٥٠.
(٢) السجدة : ١٨.
(٣) التوبة : ١٩.