عليّ عليهالسلام في يوم الشورى وهو : الحمد لله الذي اختار محمّدا منّا نبيّا وابتعثه إلينا رسولا فنحن أهل بيت النبوّة ومعدن الحكمة ، أمان لأهل الأرض ونجاة لمن طلب ، إنّ لنا حقّا إن نعطه نأخذ وان نمنعه نركب أعجاز الإبل وإن طال السّرى ، لو عهد إلينا رسول الله صلىاللهعليهوآله لأنفذنا عهده ولو قال لنا قولا لجالدنا عليه حتّى نموت ، لن يسرع أحد قبلي إلى دعوة حقّ وصلة رحم ولا حول ولا قوّة إلّا بالله ، اسمعوا كلامي وعوا منطقي ، عسى أن تروا هذا الأمر بعد الجمع تنتضي فيه السيوف وتخان فيه العهود حتّى لا تكون لكم جماعة وحتّى يكون بعضكم أئمّة لأهل الضلالة وشيعة لأهل الجهالة (١).
الثالث : ابن أبي الحديد قال عوانة : حدّثني يزيد بن جرير عن الشعبي عن شقيق بن مسلمة أنّ عليّ ابن أبي طالب عليهالسلام لما انصرف إلى رحله يعني في قصّة الشورى قال لبني هاشم : يا بني عبد المطّلب إنّ قومكم عادوكم بعد وفاة النبيّ كعداوتهم النبيّ في حياته ، إن يطمع قومكم لا تؤمروا أبدا ، والله لا يثبت هؤلاء إلى الحقّ إلّا بالسيف ، قال عبد الله بن عمر بن الخطّاب كان داخلا عليهم قد سمع الكلام كلّه فدخل فقال : يا أبا الحسن اريد أن يضرب بعضهم بعضا فقال : اسكت ويحك فو الله لو لا أبوك وما ركب منّي قديما وحديثا ، ما نازعني ابن عفّان ولا ابن عوف فقام عبد الله فخرج (٢).
الرابع : ابن أبي الحديد قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : واعجبا أن تكون الخلافة بالصحابة ولا تكون بالصحابة والقرابة قال الرضيّ رحمهالله : وقد روى له شعر قريب من هذا المعنى وهو :
فإن كنت بالشورى ملكت أمورهم |
|
فكيف بهذا والمشيرون غيّب |
وإن كنت بالقربى حججت خصيمهم |
|
فغيرك أولى بالنبيّ وأقرب |
وقال ابن أبي الحديد في الشرح : حديثه عليهالسلام في النثر والنظم المذكورين مع أبي بكر وعمر ، أمّا النثر فإلى عمر توجيهه لأنّ أبا بكر لما قال لعمر : امدد يدك قال له عمر : أنت صاحب رسول الله في المواطن كلّها شدّتها ورخاؤها فامدد أنت يدك ، فقال عليّ عليهالسلام : إذا احتججت لاستحقاقه الأمر بصحبته إيّاه في المواطن كلها ، فهلّا سلّمت الأمر إلى من قد شركه في ذلك وزاد عليه بالقرابة ، وأمّا النظم فموجّه إلى أبي بكر لأنّ أبا بكر حاجّ الأنصار في السقيفة فقال : نحن عترة رسول اللهصلىاللهعليهوآله وبيضته التي تفقأت عنه ، فلمّا بويع احتجّ على الناس بالبيعة وانّما صدرت عن أهل الحلّ والعقد فقال عليّ : امّا احتجاجك على الأنصار بأنّك من بيضة رسول الله صلىاللهعليهوآله ومن قومه فغيرك أقرب نسبا منك إليه وأمّا احتجاجك بالاختيار ورضا الجماعة بك فقد كان قوم من جلّة الصحابة غائبين لم
__________________
(١) شرح نهج البلاغة : ١ / ١٩٥.
(٢) شرح نهج البلاغة : ٩ / ٥٤.