مغضبا فلحقه أصحاب الشورى فقالوا : بايع وإلّا جاهدناك ، فأقبل معهم يمشي حتّى بايع عثمان (١).
قال السيّد المرتضى عقيب ذكره هذا الحديث في الشافي فأيّ رضا هاهنا وأيّ إجماع؟ وكيف يكون مختارا من يهدّد بالقتل والجهاد؟ وهذا المعنى ـ يعني حديث التهديد بضرب العنق ـ لو روته الشيعة لتضاحك المخالفون منه ولتغامزوا وقالوا : هذا من جملة ما يدّعونه من المحال ويروونه من الأحاديث ، وقد أنطق الله به رواتهم وأجراه على أفواه ثقاتهم. إلى هاهنا كلام السيّد المرتضى (٢).
أقول : إنّه قد صحّ في أخبار العامّة وأهل السنّة والجماعة من الأخبار المتقدّمة في الباب السادس والخمسين وفي هذا الباب أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام إنّما بايع وصالح المتقدّمين عليه الذين أخذوا الإمامة والخلافة منه أبو بكر وعمر وعثمان ما وقع الصلح منه عليهالسلام لهم إلّا بعد أن هدّد عليهالسلام بالقرآن لم يبايعهم ، فإذا كان الأمر على ذلك فمما صالحهم إلّا لخوف القتل منهم له عليهالسلام ، وبيعته عليهالسلام وقعت منه على سبيل التقيّة والخوف ، فلا تكون بيعته عليهالسلام حجّة للعامّة كما هو واضح بيّن ؛ لأنّ من هدّد بالقتل واكره على أمر ففعله لا يكون فعله له باختيار منه ، وما وقع على غير اختيار لا يكون صاحبه ينسب إليه الفعل الاختياري ويكون حجّة عليه وعلى أوليائه الموافقين له في أمره ، من ذلك يعلم أنّ مذهب العامّة على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنّم ألا ذلك هو الخسران المبين.
__________________
(١) نقله عنه ابن أبي الحديد في شرح النهج : ١٢ / ٢٦٥.
(٢) شرح نهج البلاغة : ١٢ / ٢٦٥.