فهناك أجزاء بسيطة ، وكل جزء بسيط فإن يمينه غير يساره ، فيكون منقسما ، فيكون هذان النصفان [من ذلك الجزء البسيط (١)] متساويين في تمام الماهية ، فحينئذ يصح أن ينتقل كل واحد منهما إلى وضع الآخر وموضعه ، فحينئذ يعود ما ذكرناه من افتقار المكان إلى مكان آخر ، وحينئذ يلزم المحال.
واعلم أن هذه الحجة [قد وضعناها (٢)] للقوم ، إلا أنا نقول : إنها إن صحت فهي توجب جواز الخرق والتفرق والتمزق على جملة الأفلاك ، وذلك يوجب إثبات مكان خارج الفلك المحدب للجهات ، وذلك يوجب إثبات الخلاء خارج العالم ، وذلك يوجب كون المكان بعدا. فهذه مقدمات لا بد من تقريرها.
[أما المقدمة الأولى (٣)] : وهي قولنا : إن هذا الكلام يوجب صحة الخرق والتفرق والتمزق ، على الأفلاك. فتقريرها أن نقول : هذا الفلك المحدد للجهات ، إما أن يكون بسيطا ، وإما أن يكون مركبا. فإن كان بسيطا ، كانت كل قطعة تفرض فيه مساوية في تمام الماهية للقطعة الأخرى ، وذلك يقتضي جواز أن ينتقل كل واحد من تلك [القطع إلى وضع القطعة الأخرى ، وإلى موضعها (٤)] ، وذلك يقتضي جواز التفرق والتمزق [على الفلك (٥)] وهو المطلوب. وأما إن كان هذا الفلك مركبا (٦) [من أجزاء مختلفة الطبائع فنقول : إنه لا بد وأن ينتهي تحليل تركيبها إلى أجزاء بسيطة ، فنقول : وكل واحد من تلك البسائط فإن يمينه مغايرة ليساره ، وطبيعة كل واحد من هذين القسمين واحدة ، فحينئذ يلزم صحة أن ينقلب كل واحد من ذينك القسمين إلى موضع الآخر ، وإلى وضعه. وذلك يوجب قبول الخرق والتفرق
__________________
(١) سقط (ط) ، (س).
(٢) قد تكلفناها نحن (م).
(٣) سقط (م).
(٤) الأجزاء إلى موضع غيره (س ، ط).
(٥) سقط (س ، ط).
(٦) مركبا. ففيه لا محالة أجزاء بسيطة ، ويعود ما ذكرناه. وأما المقدمة الثانية ... الخ (س) وفي (س) بياض. ومن أول : من أجزاء إلى آخر على الفلك : محذوف من (س ، ط).