فيه. وإذا كان كذلك ، وجب القطع بأنه يمتنع أن يكون الخلاء مكانا للجسم [والله أعلم(١)].
الحجة الثالثة : [لو قدرنا وجود (٢)] الخلاء ، لكانت حركة الجسم فيه ، إما أن [تكون واقعة (٣)] في زمان ، أو لا في زمان. والقسمان باطلان ، فالقول بحصول الخلاء باطل. إنما قلنا : إنه يمتنع وقوعها في زمان ، لأن الجسم إذا تحرك في مسافة ، فكلما كان الجسم الحاصل في تلك المسافة أرق ، كانت الحركة فيها أسرع. ويدل عليه : التجربة والقياس. فأما التجربة فظاهرة ، لأن رسوب الحجر في الماء ، أسهل وأسرع من رسوبه في الدهن والدبس. وأما القياس فلأن انخراق الرقيق ، أسهل من انخراق الغليظ.
وإذا ثبتت هذه المقدمة فنقول : لنفرض أن المتحرك قطع عشرة أذرع من الخلاء ، في ساعة واحدة ، وقطع عشرة أذرع من المسافة المملوءة من الماء في عشر ساعات. فعلى هذا التقدير يكون زمان الحركة في الخلاء ، عشر زمان الحركة في الماء. ثم لنفرض ملاء آخر ، أرق من الماء. بحيث تكون رقته أزيد من رقة الماء عشر مرات. فإذا كان صغر زمان الحركة بحسب زيادة رقة الملاء الحاصل في المسافة وجب أن يكون في هذا الملاء الرقيق ، عشر زمان الحركة في الماء. وقد كان زمان الحركة في الخلاء ، عشر زمان الحركة في الماء. فيلزم : أن يكون زمان الحركة في هذا الملاء الرقيق ، مثل زمان الحركة في الخلاء ، فتكون الحركة مع العائق ، كهي لا مع العائق.
وأيضا : إذا فرضنا ملاء آخر أرق من ذلك ، كان زمان الحركة فيه أقل من زمان الحركة في الخلاء ، فتكون الحركة مع العائق أسرع منها [حال عدم (٤)] العائق. هذا خلف.
فيثبت بما ذكرنا : أنه لو صح القول بوجود الخلاء ، لامتنع أن تكون
__________________
(١) سقط (م ، ت).
(٢) لو صح القول بوجود (ت ، م).
(٣) تقع (م ، ت).
(٤) من غير (م ، ت).