بعض جوانب هذا الخلاء [دون البعض (١)] رجحانا لأحد طرفي الممكن من غير مرجح. وهو محال.
الوجه الثالث : [وهو أنا نقول (٢)] : المكان والجهة والحيز ، إما أن يكون عبارة عن البعد ، أو عن السطح. فإن كان الحيز عبارة عن البعد ، فحينئذ يلزم افتقار ذات الله تعالى إلى [ذلك البعد مع كون ذلك البعد غنيا عن ذات الله (٣)] وتلزم المحالات المذكورة. وإن كان [الحيز والجهة (٤)] عبارة عن السطح [المحيط (٥)] فحينئذ لا يتقرر خارج العالم لا خلاء ولا ملاء ولا حيز ولا جهة. وحينئذ يمتنع حصول ذات الله فيه ، فيبقى أنه سبحانه لو كان في حيز وجهة ، لكان حاصلا داخل العالم ، ولكان جسما ممدودا متناهيا ، أحاطت به كرة العالم. وذلك محال [والله أعلم (٦)].
الفرع الخامس : من الناس من قال : امتياز اللطيف عن الكثيف ، إنما حصل بسبب مخالطة الخلاء. فالأجزاء التي يتولد منها الجسم المخصوص ، إن كانت بحيث تخالطها أجزاء الخلاء ، فهو الجسم اللطيف ، وإن كان لا يخالطها أجزاء الخلاء فهو الكثيف. ثم كلما كانت مخالطة الخلاء أكثر ، كانت اللطافة أكثر. والأرض لم تخالطها أجزاء الخلاء ، فلا جرم كانت في غاية الكثافة. والماء يخالطه أجزاء الخلاء ، فلا جرم حصلت اللطافة فيه. وأما الأجزاء الهوائية فمخالطة الهواء (٧) لها أكثر ، فلا جرم كان الهواء ألطف من الماء. وكذلك القول في النار. ثم في الأفلاك.
الفرع السادس : من الناس من قال : إن الخلاء حصل فيه قوة جاذبة للأجسام. قال: ولهذا السبب يكون الثقل هاويا نازلا ، لأن القوة الجاذبة
__________________
(١) سقط (م).
(٢) سقط (ط).
(٣) إلى تلك الجهة ، واستغناء تلك الجهة عن ذات الله (م ، ت).
(٤) سقط (م).
(٥) من (س).
(٦) سقط (م).
(٧) الخلاء (م ، ت).