الوجود ، ومنها ما لا يكون كذلك ، والمراد من قولنا : فإن الوجود : هو الذي تكون أجزاؤه حاصلة معا. والمراد من قولنا : غير قار الوجود : ما لا يكون كذلك. فنقول : هذا الشيء الذي يمكن تقسيمه إلى السنين ، والشهور والأيام والساعات ليس من الموجودات التي تكون قارة الوجود ، بدليل أن بديهة العقل حاكمة بأنه لا يوجد جزءان منه [معا (١)] فلا يمكن حصول سنتين معا ولا [حصول (٢)] شهرين ، ولا حصول يومين ، ولا حصول ساعتين معا. ولا يمكن أيضا أن يجتمع في الوجود منها جزءان ، وإن كانا أصغر الأجزاء ، بل كل اثنين يفرضان ، فإنه لا بد وأن يكون أحدهما متقدما على الآخر ، وإنه لا بد عند حصول أحدهما ، أن لا يكون الآخر حاصلا ، وكل ذلك معلوم في البديهة ، بشرط [حصول (٣)] التأمل الصافي ، واستحضار مفهومات هذه الألفاظ في الذهن. فيثبت : أن هذا الشيء المسمى بالمدة والزمان موجود ليس قار الوجود ، لكن ثبت أن الجسم وكمه وكيفه وأينه ووضعه ومضافه وسائر مقولاته ، أمور قارة ، فوجب القطع بأن هذا الشيء المسمى بالمدة والزمان أمر مغاير لهذه الأشياء بأسرها. ثم نقول : هذا الشيء إما أن يكون هو الحركة أو صفة من صفات الحركة ، أو شيء مغاير للحركة ولجميع صفات الحركة. والأول باطل للوجوه الكثيرة التي شرحناها وقررناها في الفصل المتقدم.
والذي نزيده الآن أن نقول : لا معنى للحركة إلا حصولات متعاقبة في أحياز متعاقبة متلاصقة ، ولا معنى لتعاقب تلك الحصولات ، إلا حصول بعضها عقيب البعض في الأزمنة المتوالية ، لكن تواليها في تلك الأزمنة إضافة بينها وبين تلك الأزمنة [والإضافة بينها وبين الأزمنة متأخرة عن تقرر حصول تلك الأزمنة (٤)] فثبت : أن الحركة مفتقرة في تحقق ماهيتها إلى الزمان ، وأما الزمان فإنه غني في ذاته عن الحركة ، لأنه يمكننا فرض مدة خالية عن جميع الحركات
__________________
(١) من (س).
(٢) من (م).
(٣) سقط (س).
(٤) من (ط) ، (س).