الشهور أخرى ، وإلى الأيام تارة ، وإلى الساعات أخرى ، والعلم بذلك أجلى العلوم البديهية وأظهرها ، ونعلم أن ذلك الشيء يعد بالسنين ، وأن السنة تعد بالشهور ، وتقدر بها [وأن الشهر يعد بالأيام ويقدر بها. وأن اليوم يعد بالساعات ويقدر بها (١)] وكيف لا نقول ذلك. وكل من له سمة من العقل ، فإنه يعلم أن له من السنين كذا؟ وأن الشهور المنقضية من هذه السنة التي نحن فيها كم هي؟ [وأن الشهور الباقية كم هي؟ وأن الأيام من الشهر كم هي؟ والباقية (كم هي؟] (٢) وأن الساعات المنقضية من هذا اليوم كم هي؟ والباقية كم هي؟.
وإذا ثبت هذا فنقول : قضت بدائه العقول بصحة هذه التقسيمات ، وكل من تشكك في صحتها ، قضى عليه بالجنون التام [والعته الشديد (٣)] ثم نقول : هذا الذي حكم عليه العقل بكونه موردا لهذه التقسيمات. إما أن يكون عدما محضا ، ونفيا صرفا ، وإما أن لا يكون كذلك ، بل يكون موجودا وثابتا ومتحققا ، والأول باطل ، لأن العدم المحض لا يمكن تقسيمه إلى الأجزاء والأبعاض [ولا يمكن وصف تلك الأبعاض والأجزاء (٤)] بأنه أزيد من غيره ، أو أنقص من غيره. ومعلوم أن صريح العقل يحكم بأن السنة أطول من الشهر ، والشهر أطول من اليوم ، واليوم أطول من الساعة. وأيضا : فصريح العقل يقضي على هذا الشيء بأن منه ما مضى ، ومنه ما هو مستقبل. وصريح العقل يقضي بأن الماضي هو الذي كان حاضرا ، وقد انقضى. والمستقبل هو الذي يتوقع حضوره ، ولم يحضر بعد. فلو لم يكن لهذا الشيء حضور وحصول البتة ، لامتنع أن يحكم العقل عليه بكونه ماضيا ومستقبلا ، وحيث حكم صريح العقل عليه بذلك. علمنا أنه ليس عدما محضا [ونفيا صرفا (٥)] ، بل لا بد وأن يكون موجودا. ثم نقول : الموجودات على قسمين : منها ما هو قار
__________________
(١) سقط (ط) ، (س).
(٢) سقط (س).
(٣) سقط (ط) ، (س).
(٤) سقط (ت).
(٥) سقط (ط ، س).