معا ، ضرورة أن الإضافة لا توجد وحدها ، بل إنما توجد عند وجود موصوفها [ومعروضها (١)] ، وحينئذ يلزم أن يقال : والبعد يوجب كونهما موجودين معا. فيلزم أن يقال : الشيء من حيث هو قبل غيره ، يجب أن يكون موجودا معه ، وهو محال.
الرابع : أن نقول : لما ثبت أن المضافين يوجدان معا ، فهذه المعية إن كانت وصفا زائدا عليهما ، كان ذلك الزائد أيضا معهما ، فتكون هذه المعية الثانية زائدة ، ولزم التسلسل. وإن لم يكن وصفا زائدا ، فلم لا يجوز مثله في سائر المعيات والقبليات؟ لا يقال : إن كون المضافين معا ، نفس ذاتيهما. لأنا نقول : إذا قلنا : المضافان يوجدان معا. فهو قضية موضوعها : قولنا المضافان. ومحمولها قولنا يوجدان معا. والمحمول [في كل قضية (٢)] غير الموضوع [لامتناع حمل الشيء الواحد بالاعتبار الواحد على نفسه (٣)]. وعلى هذا التقدير فإنه يبطل هذا العذر. فثبت بهذه الوجه : أن القبلية والبعدية لا يمكن أن يكونا من الصفات الموجودة في الأعيان.
السؤال الثاني : إن هذا الدليل الذي ذكرتم يقتضي إثبات زمان للزمان. وبيانه : وهو أن بعض أجزاء الزمان سابق على البعض ، وظاهر أن ذلك السبق ليس بالعلية ولا بالذات ، لأن السبق الذي يكون بالعلية وبالذات يجوز أن يوجد المتقدم فيه مع المتأخر. والجزء السابق من الزمان يمتنع أن يوجد مع الجزء المتأخر ، بل تقدم الأمس على اليوم كتقدم الجزء السابق من الحركة على الجزء اللاحق منها ، فإن كان هذا النوع من التقدم لا يتقرر إلا مع الزمان ، لزم أن يكون للزمان زمان آخر ، وإلا فجوزوا مثله فيما ذكرتم.
الحجة الثالثة في إثبات الزمان : وهو دليل ، رتبناه للقائلين بإثبات الزمان. فنقول : إنا نعلم بالضرورة : أن هاهنا شيئا ينقسم إلى السنين تارة وإلى
__________________
(١) سقط (ط) ، (س).
(٢) سقط (ط) ، (س).
(٣) سقط (ط) ، (س).