الفرق بين البابين؟ وإن كان الثاني وهو أن يقال : إن المسمى بالدهر والسرمد موجود مخصوص ، يقتضي حصول هذه النسب. فكان من الواجب عليه أن يبين أن ذلك الشيء جوهر أو عرض؟ وإن كان جوهرا ، فهو من الجواهر الجسمانية أو من الجواهر [الروحانية (١)] المجردة؟ وإن كان عرضا فهو من أي أجناس الأعراض؟ فإن هذه الكلمات لا تصير معلومة مفهومة ، إلا بهذا الطريق.
السؤال الثاني : أن يقال : إنك زعمت : أن نسبة الثابت إلى المتغير هو الدهر. فنقول : هذا الذي سميته بالدهر ، هل هو في نفسه ثابت مستقر ، أو هو في نفسه متغير سيال؟ فإن كان ثابتا فالثابت هل يجوز جعله سببا لحصول النسب المتغيرة أو لا يجوز؟ فإن جاز فلم لا يجوز أن يقال : المقتضى لحصول نسب بعض المتغيرات إلى بعض شيء ثابت في ذاته ، كما هو قول «أفلاطون» وإن لم يجز هذا ، فكيف جعلتم هذا الشيء المسمى بالدهر مع كونه [ثابتا (٢)] سببا لحصول النسب الواقعة بين الأشياء الثابتة ، وبين الأشياء المتغيرة؟ وذلك لأن هذه النسب تكون متغيرة [لا محالة (٣)] فإذا كان الدهر ثابتا ، والثابت لا يجوز جعله سببا للنسب المتغيرة ، لزم امتناع كون الدهر سببا لحصول الأشياء المتغيرة؟ وذلك لأن هذه النسب تكون متغيرة [لا محالة (٤)] فإذا كان الدهر ثابتا ، والثابت لا يجوز جعله سببا للنسب المتغيرة ، لزم امتناع كون الدهر سببا لحصول هذه النسب المتغيرة ، وأما ان المسمى بالدهر أمرا متغيرا في ذاته ، فالشيء المتغير في ذاته ، هل يمكن جعله سببا لحصول النسبة مع الأشياء الثابتة ، أو لا يمكن؟ فإن أمكن فلم لا يكون الزمان كافيا في ذلك حتى لا يحتاج إلى إثبات هذا [الشيء المسمى (٥)] بالدهر ، وإن لم يمكن فكيف جعلتم الدهر المتغير في ذاته ، سببا لحصول النسبة إلى الأشياء الثابتة؟
__________________
(١) سقط (ط).
(٢) من (س).
(٣) من (ط).
(٤) من (ط).
(٥) من (ط ، س).