من المناسبة بين الحال وبين الماضي. وذلك لأن الحال موجود بالفعل. والمستقبل [وإن كان غير موجود بالفعل إلا أنه (١)] موجود بالقوة. أما الماضي فإنه غير موجود لا بالفعل ولا بالقوة ، لا سيما إذا قلنا : إعادة المعدوم ممتنعة. ولهذه الدقيقة وضع أهل اللغة العربية لفظ المضارع مشتركا بين الحال والاستقبال ، وما أثبتوا هذا الاشتراك بين الحال وبين الماضي.
الخاصية السادسة : إن المتقدم بالذات وبالعلية ، لا يصير متأخرا البتة. وبالعكس. أما المتقدم بالزمان فإنه قد يصير [هو بعينه (٢)] متأخرا بالزمان ، كالأب فإنه متقدم على الابن بالزمان ، ثم إنه قد يبقى بعد موته ، فيصير متأخرا عنه بالزمان [أما المتأخر بالزمان (٣)] فإنه يمتنع أن يصير متقدما بالزمان على ما كان متقدما عليه. وذلك ظاهر.
الخاصية السابعة : [أن نقول (٤)] التقدم بالعلية والتقدم بالزمان لا يجتمعان البتة ، لأنه لما ثبت أن العلة التامة في جميع الأمور المعتبرة في العلية ، يمتنع تخلف المعلول عنها ، لزم أن يقال : إنه حيث حصل التخلف لم تكن العلة علة تامة في العلية. فيثبت : أن التقدم بالعلية ، والتقدم بالزمان لا يجتمعان البتة. أما المتقدم بالطبع مع التقدم بالزمان ، فقد يجتمعان فإن الواحد متقدم على الاثنين بالطبع ، وقد يكون متقدما عليه أيضا في الزمان.
الخاصية الثامنة : قالوا : الزمان متحرك لا يسكن البتة ، والمكان ساكن لا يتحرك البتة ، ولما كانت الحركة أشرف من السكون ، لا جرم كان الزمان أشرف من المكان. ولهذا السبب قال الشيخ في خطبته المشهورة : «والمكان يلي الزمان وجودا ، ويجده أوائل علل الزمان تحديدا».
الخاصية التاسعة : الفرق بين المكان والزمان : أن الجزء الواحد من
__________________
(١) وإن لم يكن موجودا بالفعل. لكنه (م ، ت).
(٢) سقط (س).
(٣) من (ط) ، (س).
(٤) من (ط) ، (س).