والتلقين ، فيه الحق والهدى والصدق والرشد ، وفيه المبادئ السامية والشفاء للصدور والعلاج للنفوس والحلول لمتنوع المشاكل الإيمانية والروحية والسلوكية للناس كافة ، أنزله الله على قلب نبيه الكريم وخلفه النبي عليهالسلام في المسلمين فلا يضلّون أبدا إذا ما اتبعوه وتمسكوا به ، يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم.
وإنه ليصحّ أن يقرر جزما أنه قد ظل سليما في حفظ الله محفوظا كل الحفظ من كل تبديل وتغيير وتحريف وزيادة ونقص مجمعا عليه في رسم واحد ونصّ واحد ومصحف واحد وترتيب واحد في مشارق الأرض ومغاربها ، وظل يحتفظ بإشراقه وسنائه وروحانيته ، ونفس ألفاظه وحروفه وأسلوب ترتيله وتلاوته التي تلاها رسول الله وبترتيبه الذي وضعه ، وبكل ما فيه من معاتبات ومؤاخذات وبهت وتكذيب وهزء وزراية ونسبة افتراء وسحر وشعر وكهانة وتعلم واقتباس وجدل مع مختلف طبقات الناس ، ومن تقريرات لحقيقة شخصية الرسول البشرية ، وتطور في التشريع والمواقف المتنوعة مما لم يتيسر لأي كتاب سماوي ولا لأي نبي ، وظل بعد هذا مرجع كل خلاف ، والحكم في كل نزاع بين المسلمين على اختلاف فرقهم وأهوائهم والقول الفصل في كل مذهب وعند كل نحلة من مذاهبهم ونحلهم على كثرتها ، فتحققت بذلك معجزة الآية الكريمة (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) [الحجر : ٩] وإنها لمعجزة كبرى تستحق التنويه في هذا المقام ، ويكفي لتبيين خطورتها أن نذكر ما كان من فتن وخلاف وشقاق وحروب منذ صدر الإسلام الأول وما كان من اجتراء الناس في ذلك العهد وبعده على رسول الله والكذب عليه في وضع الأحاديث المتضمنة تأييد فئة على فئة ورأي على رأي ودعوة على دعوة ولإضعاف ذلك بالمقابلة ، وما كان من وضع الروايات والأحاديث لصرف آيات من القرآن إلى غير وجهها بسبيل ذلك ، وما كان من استعلاء قوم على قوم وشيعة على شيعة استعلاء القوة والسلطان مع اشتداد العداء والتجريح واشتداد تيار الأحاديث المفتراة ، وأن نذكر أن هذا كان في حين لم يكن القرآن مطبوعا أو مصورا ، وفي حين لم يكن من المستحيل أن يجرأ الذين اجترءوا على رسول الله وعلى كتاب الله