فيغيروا ويبدلوا ويزيدوا وينقصوا شيئا جوهريا سائغا على المسلمين وينشروا به مصاحف جديدة وخاصة في الآيات التي حاولوا صرفها لتأييد الآراء والأهواء أو إضعافها لتكون أكثر مطابقة مع الوجوه التي أريد صرفها إليها سلبا وإيجابا ونفيا وإثباتا ، وفي حين كانت الكتابة العربية سقيمة محرجة ولم يكن قد اخترع الشكل والإعجام ، وكان التشابه بين الحروف كثيرا واحتمال اللبس قويا ، وحفظت ببركته اللغة العربية القرشية التي نزل بها قوية مشرقة بكل ما وصلت إليه من سعة وبلاغة ودقة وقوة ونفوذ وعمق لتظل لغة الأمة العربية الفصحى في كل صقع وواد ، وفي كل دور وزمان وهو ما لم يتيسر لأمة من أمم الأرض ولتكون إلى ذلك لغة عبادة الله لجميع الملل الإسلامية المنتشرة في أنحاء الأرض خلال ثلاثة عشر قرنا ثم خلال القرون الآتية إلى آخر الدهر بل ولتترشح لتكون لغة العالم الإسلامي ، وحفظت ببركته الأمة العربية قوية الحيوية دون أن يبيدها ما نزل بها من صروف الدهر الجسام التي أباد أخف منها من هو أقوى منها تكمن فيها مواهبها العظيمة وخصائصها القومية التي جعلتها خير أمة أخرجت للناس إن هي قامت بما حملها إياه القرآن من عبء الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ـ ١١ ـ
وإتماما لموضوع تدوين القرآن نرى أن نورد بعض البحوث الموجزة في أمور تتصل به.
فأولا أسماء السور :
١ ـ إن الضابط أو الأصل العام في تسمية السور القرآنية على ما يبدو من أسمائها هو تسمية السورة بكلمة أو باشتقاق كلمة واردة فيها. وإذا كانت الأسماء المشهورة لبعض السور لا تستمد من هذا الأصل مثل سور الفاتحة والأنبياء والإخلاص فإن هناك روايات بأسماء أخرى لهذه السور تستمد منه مثل الحمد للأولى واقتربت للثانية والصمد للثالثة.