ولكن يندفع هذا الإشكال أيضا : بأنّ المصحّح لتوجيه التكليف بالتّصديق هو كون المخبر به ذا أثر حال تنجّز التكليف ، أي وقت إرادة الامتثال ، لا حين صدور الطلب ، فإيجاب تصديقهما معا أثّر في صيرورة متعلّق كلّ من الخبرين ذا أثر في زمان الخروج عن العهدة ، كما لا يخفى على المتأمّل.
قوله قدسسره : والظّن الذي لا يتمسّك به في الاصول هو مطلق الظّن (١).
أقول : الظّن المطلق لا دليل على حجّيته إلّا دليل الانسداد الآتي ، ومقتضاه ـ على تقدير تماميّته ـ عدم الفرق بين اصول الفقه وسائر المسائل الفرعية ، على ما هو مختار المصنّف قدسسره كما ستعرف ، وعلى تقدير عدم تماميّته ، لا فرق في عدم جواز التمسّك به بين المسائل الفرعيّة والاصوليّة ، فلم يظهر للتفصيل المذكور وجه وجيه ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : مضافا إلى قوله تعالى ... إلخ (٢).
أقول : تكفير السيّئات على تقدير تسليم كون الصغائر موجبة للفسق لا يجدي في رفع أثرها الوضعي ، والالتزام بذلك في التوبة ليس بمجرّد ثبوت كونها مكفّرة للذّنوب ، كما لا يخفى على المتأمّل ، فتأمّل.
قوله قدسسره : وثالثا إنّه قد فسّر الآية ... إلخ (٣).
أقول : لا يبعد أن يكون المراد من الآية ـ بشهادة الجمع بين ما ورد في تفسيرها ، وبين الأخبار الآتية ـ التعريض على المؤمنين ، وبيان أنّ النفر إلى التفقّه أيضا كالنفر إلى الجهاد من الامور المهمّة ، فكأنّه تعالى قال ما كان لهم أن ينفروا
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٧٧ سطر ٦ ، ١ / ٢٧٣.
(٢) فرائد الأصول : ص ٧٧ سطر ١٤ ، ١ / ٢٧٣.
(٣) فرائد الأصول : ص ٧٩ سطر ٥ ، ١ / ٢٧٨.