إظهار الايمان لأجل مراعاتهم ، ومنشأ ظهور الثاني في الأيمان الصوري ما أشرنا إليه ، من عدم المناسبة بين مراعاتهم والعقد القلبي حتّى يصلح للغلبة.
قوله قدسسره : بعد تقييد المطلق منها ... الخ (١).
أقول : في العبارة تشويش ، فانّها في النسخ الأصلية بمفهوم آية النبأ ، وفي بعض النسخ المصحّحة بمنطوق آية النبأ ، وعلى تقدير صحّة الأولى فالباء للإلصاق لا السببيّة ، إذ لا تنافي بين حجّية خبر العادل وحجّية مطلق الخبر حتّى يتقيّد به الإطلاق.
فملخّص المراد : إنّ المستفاد من مجموع الآيات حجّية قول ما عدا الفاسق مطلقا ، ولكن إطلاقه ينصرف ـ بمقتضى الغلبة ـ إلى صورة إفادة الخبر الظّن الاطمئناني.
هذا ، ولكن يشكل دعوى سببيّة الغلبة لانصراف المفهوم ، إذ ليس لنا قضيّة لفظيّة ندّعى فيها الانصراف ، وإنّما استفيد حجّية خبر العادل من آية النبأ ـ على تقدير تسليم الدلالة ـ من تعليق ردّ الخبر بصدوره من الفاسق ، وكون الفسق علّة منحصرة للردّ ، فينتفي المعلول عند انتفاء علّته عقلا ، ولا يعقل دعوى الانصراف في الاستلزامات العقلية.
نعم يمكن أن يقال : إنّ موضوع الحكم في المنطوق إنّما هو الخبر الموثوق به ، ولو وثوقا بدويّا ، كما يشهد بذلك اعتماد العقلاء عليه في مورد الآية ، فمفهومه جواز العمل بالخبر الموثوق به إذا كان المخبر عادلا ، ولكنّك خبير بأنّه على هذا التقدير لا يقتضي تقييد سائر الآيات بما إذا كان خبر العادل مقيدا للوثوق ، لما أشرنا إليه من
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٨٤ سطر ٩ ، ١ / ٢٩٦.