بفرد للعام ، فهذا المعنى بالنسبة إلى الظّن الممنوع محقّق دون المانع ، فمن هنا ينقدح الخدشة فيما ذكره ثانيا ، من أنّ الظّن المانع إنّما يكون على فرض اعتباره دليلا على عدم اعتبار الممنوع ، حيث أنّ فرض اعتباره بنفسه عبارة اخرى عن فرض عدم اعتبار الممنوع ، لا أنّه دليل عليه ، فقوله «إلّا أن يقال» استثناء عمّا ذكر ، ومقتضاه اندفاع المناقشة الثانية.
ولكنّك خبير بأنّ مادّة الإشكال لا تنحسم بذلك بعد ، إذ ادّعى عدم القطع بشمول حكم العام للظنّ المانع ، لما عرفت من أنّ الترديد والتشكيك في موضع حكم العقل غير معقول ، ولذا قال «فالأولى أن يقال ... الخ».
أقول : يرد على هذا القول أوّلا :
المعارضة بمثل ما ذكره في الإيراد على القول بحجّية الظّن المانع ، من أنّه إذا حصل من الأولوية ظنّ بوجوب شيء ، وكان مقتضى الأصل حرمة ذلك الشيء ، فلو عملنا بالأولويّة ، لا يحصل لنا القطع بالخروج عن عهدة ما هو تكليفنا ـ بعد فرض حصول الظّن من الشهرة بعدم اعتبارها ـ وإن كان الظّن الحاصل من الشهرة أضعف من ظنّ الوجوب الحاصل من الأولويّة وإنّما فرضنا المثال من قبيل دوران الأمر بين المحذورين ، حتّى تمتاز الحجّة عن غير الحجّة ، إذ لو لم يكن الأمر دائرا بين المحذورين ، بل كان أحدهما موافقا للاحتياط ، لكان العمل به موجبا للقطع بفراغ الذمّة ، سواء كان هو الظّن المانع أو الممنوع ، لا من حيث كونه عملا بالظنّ ، بل لموافقته للاحتياط.
وثانيا : إنّ ما ذكره قدسسره لو تمّ ، فانّما هو على تقدير انحصار الوجه في توجيه خروج القياس باشتماله على المفسدة ، وقد عرفت منه المناقشة في هذا الوجه ، وأنّ العمدة في توجيه خروج القياس هو الوجه السابع ، فلا يستلزم الظّن بالمنع الظّن بالمفسدة ، حتّى يتفرّع عليه ما ذكره.