هذه الآيات كادت تكون صريحة في توبيخهم بتحريمهم على أنفسهم ما لم يعلموا حرمته.
ولا ريب أنّ حال اليهود في زمان النبي صلىاللهعليهوآله كان أسوأ من حالنا في هذه الأزمنة من حيث اندراس دينهم ، وانطماس كثير من أحكامهم ، فالاعتراض على الاستدلال بما سيذكره المصنّف قدسسره غير وجيه.
ثمّ لا يخفى عليك انّ قوله تعالى : (كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) إلى آخر الآيات ، تدلّ على إباحة أكل ما لم يعلم حرمته ، وعدم وجوب التوقّف والاحتياط ، فلو دلّ دليل على وجوب التوقّف والاحتياط ، لكان معارضا لهذا الظاهر ، لا واردا عليه ، والله العالم.
قوله قدسسره : أمكن أن يقال أثر حرمة شرب التتن مثلا ... الخ (١).
أقول : فعلى هذا لا بدّ من تقدير هذا الأثر على وجه يناسب إرادة العموم من كلمة «ما» للشبهة الموضوعية والحكمية ، بأن يقال مثلا رفع عن امّتي سببية الشيء الذي لا يعلمونه للمؤاخذة.
قوله قدسسره : لكنّ الظاهر بناء على تقدير المؤاخذة (٢).
أقول : يعني بناء على أن يكون المؤاخذة هي الأثر الظّاهر ل «ما لا يعلمون» كاخواته ، فالظاهر كونها مقدّرة في الجميع على نسق واحد ، فيكون هي بنفسها متعلّقة للرفع ومنسوبة إلى نفس المذكورات ، فيختصّ بالشبهة الموضوعية.
ومحصّل مرامه كما فصّله بقوله «والحاصل ... الخ» :
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ١٩٥ سطر ١٨ ، ٢ / ٢٨.
(٢) فرائد الأصول : ص ١٩٥ سطر ١٨ ، ٢ / ٢٩.