«فقد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك» الجاهل الغافل ، فلا يناسبه تخصيص التعليل بأنّه لا يقدر على الاحتياط الجاهل بالحرمة ، لأنّ الجاهل بالعدّة أيضا ـ بعد فرض كونه غافلا ـ لا يقدر على الاحتياط.
وإن اريد بها الجاهل المتردّد ، فلا يستقيم التعليل ، لأنّه لا يقدر على الاحتياط أيضا كالجاهل المتردّد في العدّة.
وإن اريد بها مطلق الجاهل الشامل لكلا القسمين ، فالمتردّد من كلّ منهما يقدر على الاحتياط ، والغافل منهما لا يقدر عليه ، فلم حكم بأهونية الجهل بالحرمة ، لأجل هذه العلّة الغير المطّردة ، المشتركة بين القسمين؟
ويندفع الإشكال : بأنّ المقصود بالجهالة ، هو مطلق الجهل الشامل للمتردّد والغافل ، فالمراد بالجاهل مقابل العالم ، غافلا كان أم متردّدا ، ولكنّ الجاهل بحرمة تزويج المرأة بعد وفاة زوجها ، ما دامت في العدّة ، لا يكاد يوجد له مصداق في الخارج ، إلّا على تقدير غفلته عن أصل شرعية العدّة وحكمها الذي هو حرمة التزويج ، وإلّا فحرمة تزويج المعتدّة من الضروريات التي لا تكاد تختفي على من التفت إليها ، أو إلى موضوعها ، أعني مشروعية العدّة في الجملة ، كي يبقى متردّدا في ذلك!
وهذا بخلاف الجاهل بأنّها في العدّة مع علمه بحرمة تزويج المعتدّة فانّه بعكس ذلك فانّ الشخص العالم بحرمة تزويج المعتدّة لا محالة عند إرادة تزويج امرأة يلتفت إلى ثيبوبتها وبكارتها وإلى كونها بلا مانع أو مع المانع فلا ينفك إرادة التزويج عادة عن الالتفات إلى كونها في العدّة فجهله بأنّها في العدّة غالبا يجامع التردّد دون الغفلة.
نعم قد يجامع اعتقاد الخلاف الذي هو بحكم الغافل لكن هذا أيضا فرض نادر والرواية منزلة على الغالب فتنزيل الجهل بالعدّة على المتردّد والجهل بالحرمة على الغافل ليس تفكيكا في الجهالة بل الجهل في كلا الموردين بمعنى عدم العلم ولكن الاختلاف نشأ من خصوصية الموردين فليتأمّل.