قوله قدسسره : وتقريب الاستدلال كما في شرح الوافية ... الخ (١).
أقول : ما ذكره في تقريب الاستدلال لا يخلو عن تشويش. وتوضيحه يحتاج إلى بيان محتملات الرواية.
فأقول : ما يحتمل أن يراد بالرواية أحد معان أربعة :
الأوّل : أن يراد من الشيء خصوص المشتبه ، ويراد من الضمائر الراجعة إليه ظاهرها من دون تصرّف فيها ، فتنطبق الرواية حينئذ على الشّبهة المقرونة بالعلم الإجمالي ، محصورة أو غير محصورة.
وهذا المعنى في حدّ ذاته أوفق بظاهر الرواية ، فيتعيّن حملها على ما إذا لم يكن العلم الإجمالي منجزا للتكليف ، كالشبهة الغير المحصورة ، أو المحصورة التي بعض أطرافها خارج عن مورد ابتلاء المكلّف.
ولكن ربّما يعطى التدبّر فيها بلحاظ موردها ظهورها في المعنى الذي سيذكره المصنّف رحمهالله ، إذ الظاهر انّها رواية عبد الله بن سليمان.
قال : «سألت أبا جعفر عن الجبن؟
فقال : سألتني عن طعام يعجبني ، ثمّ أعطى الغلام درهما فقال يا غلام ابتع لنا جبنا.
ثمّ دعا بالغداء ، فتغدينا معه ، وأتى الجبن فأكل وأكلنا.
فلمّا فرغنا قلت : ما تقول في الجبن؟
قال : أو لم ترني آكله!
قلت : ولكن أحبّ أن أسمعه منك.
فقال : سأخبرك عن الجبن وغيره ، كلّ ما كان فيه حلال وحرام فهو لك
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢٠٠ سطر ١٥ ، ٢ / ٤٥.