حلال حتّى تعرف الحرام بعينه فتدعه» (١).
فانّه ظاهر في إرادة حكم الجبن وغيره ممّا هو مثله فيه قسم حلال وفيه قسم حرام لا حكم الشبهة المحصورة.
الثاني : ما ذكره المصنّف رحمهالله بالتقريب الذي ذكره.
الثالث : ما قد يتراءى من بعض عبائر «الوافية» ، وهو أن يراد بالحلال والحرام الحلال والحرام الشأني.
وتوضيح هذا المعنى : إنّه كما يمكن إرادة ما ينقسم فعلا إلى الحلال والحرام من الشيء ، كذلك يمكن إرادة ما يتصف بهما شأنا ، فيكون سوق الرواية مساق قولك «فعل الإنسان العاقل البالغ فيه حلال وحرام» لا فعل البهائم والمجانين ، فيكون ذكر الوصف كناية عن كون الشيء صالحا لأن يتعلّق به حكم شرعي ، بأن يكون فعلا اختياريا ، فيكون ذكره للاحتراز عمّا لا يصلح لذلك كالأفعال الاضطراريّة ، لا ما علم حليته وحرمته ، فإنّ العلم بالحلّية أو الحرمة لا يخرجه عن القابليّة ذاتا.
نعم يتحقّق الاحتراز عمّا علم حكمه بجعل المعرفة غاية للحكم ، فانّه قرينة على كون الحكم حكما ظاهريا مأخوذا في موضوعه الجهل بالواقع ، فلا يكون إلّا مشتبه الحكم ، فعلى تقدير أن يكون هذا المعنى مراد صاحب «الوافية» كما يظهر من صدر عبارته ، لا يناسبه جعل الامور المعلومة خارجة بنفس هذه الفقرة ، ويكون ما ذكره في ذيل كلامه بعبارة اخرى أجنبيّا عن ذلك ، ولعلّه إلى هذا نظر من أورد عليه باستعمال اللفظ في معنيين.
الرابع : أن يراد ب «كلّ شيء فيه حلال وحرام» أن يكون فيه احتمال الحليّة والحرمة ، وإلى هذا المعنى يؤول ما ذكره صاحب «الوافية» في ذيل كلامه بقوله
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ٢٥ ، باب ٦١ ، حديث ٣١٣٧٦.