«وبعبارة اخرى ... الخ».
وامّا ما ذكره قبل هذه العبارة فظاهره إرادة المعنى السابق ، ولكنّه لا يأبى عن إرجاعه إلى هذا المعنى ، فلا بدّ من إرجاعه إليه جمعا بين كلماته.
وكيف كان ، فلا يخفى عليك ما في حمل الرواية على إرادة هذا المعنى من البعد ، إذ لا يتحمله ألفاظها إلّا بالتكليف والتقدير ، مع عدم استقامة إرجاع الضمير إليهما ، وأبعد منه إرادة المعنى الثالث ، فانّه وإن لم يكن استعمال الحرام فيما من شأنه الاتّصاف بهما بعيدا ، ولكنّه في غاية البعد عمّا ينسبق إلى الذهن من الرواية ، فالمتعيّن حمل الرواية على أحد المعنيين الأوّلين ، وقد أشرنا إلى أنّ ثانيهما أظهر ، والله العالم.
قوله قدسسره : فمنهم ثقة الإسلام الكليني رحمهالله ... الخ (١).
أقول : ولعلّ الكليني رحمهالله ذهب إلى التخيير في تعارض الخبرين ، للأخبار الخاصة الواردة فيه ، الدالّة على التخيير ، الحاكمة على عمومات أدلّة الاصول.
وامّا ما ورد فيه من الاخبار بوجوب الاحتياط ، فستعرف في خاتمة الكتاب أنّها لا تصلح لمعارضة أخبار التخيير ، ولا لتقييد إطلاقها ، إلّا بالنسبة إلى حال التمكّن من تحصيل العلم ، وهو خارج عن محلّ الكلام ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : ومنهم الصدوق قدسسره ... الخ (٢).
أقول : لا يظهر من هذه العبارة التي نقلها عن الصدوق إلّا أنّه قال بأنّ الأصل في الأشياء قبل ورود النهي الإباحة ، وهذه مسألة اخرى أجنبيّة عمّا نحن بصدده ، كما تقدّمت الإشارة إليه عند التكلّم في دلالة المرسلة على المدّعى.
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢٠٢ سطر ٩ ، ٢ / ٥١.
(٢) فرائد الأصول : ص ٢٠٢ سطر ١٢ ، ٢ / ٥٢.