النصّين فلا ، لورود النهي فيها ، فيعمّها أخبار التوقّف من دون معارض ، فإذا وجب التوقّف في صورة تعارض النصّين ، وجب في صورة فقد النصّ أيضا ، لعدم القول بالفصل.
ولكنّك خبير بأنّ هذا النحو من الاستدلال خلاف ما يقتضيه الجمع بين الدليلين ، فإنّ مقتضى القاعدة تخصيص العام بالخاصّ ، وإلحاق ما تعارض فيه النصّان به بعدم القول بالفصل لا العكس ، كما يبتني عليه الاستدلال ، حتّى يستلزم طرح النصّ لأجل أصالة العموم ، نظير ما لو قال «أكرم العلماء» ، ثمّ قال «لا تكرم زيدا العالم» ، وعلم من الخارج مشاركة عمرو العالم مع زيد في الحكم ، فانّه يجب تخصيص العالم بكليهما ، امّا بالنسبة إلى زيد فواضح ، لورود النصّ في خصوصه ، وامّا عمرو فهو ملحق به بالدليل الخارجي.
نعم ، لو كان التخصيص بالجميع متعذّرا ، كما لو انعقد الإجماع على اشتراك جميع من عدا زيد أو أغلبهم ، بحيث يتعذّر إخراجهم عن بحث العام ، لصار النصّان حينئذ بمنزلة المتباينين ، فلا بدّ حينئذ من الرجوع إلى المرجّحات الخارجيّة ، ولعلّه لذا أمرنا بالتأمّل.
ويمكن أن يكون الأمر بالتأمّل ، إشارة إلى منع عدم شمول «كلّ شيء مطلق» صورة معارضة النصّ الوارد ، الدالّ على الحرمة بما يدلّ على الإباحة ، إذ ليس المراد من النهي مجرّد صدور لفظ لا يمكن الأخذ بمفاده ، بل المقصود معرفة حكم الواقعة ، فورود النهي فيه كناية عن معرفة حكمه كما لا يخفى.
وربّما يحتمل أن يكون مراده باخبار التوقّف ، التي تشمل المورد الذي ورد فيه نهي معارض بما دلّ على الإباحة ، خصوص ما ورد في تعارض النصّين ، فانّه ليس بأعمّ من أخبار البراءة بل مباين لها ، فإذا عمل بتلك الرواية في موردها ، وجب التوقّف فيما لا نصّ فيه أيضا بالإجماع.
ولكن يبعد هذا الاحتمال ـ مضافا إلى عدم ملائمته لسوق العبارة ، والغضّ عن