اللهمّ إلّا أن يريدوا بالمقرّر في تلك المسألة ، ما كان موافقا لبراءة الذمّة عن التكليف ، ولكن أصالة براءة الذمّة عن التكليف لدى القائل بأنّ الأصل في الأشياء الحظر غير أصيل ، لحكومة أصالة الحظر عليها ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : إلّا أنّ الأمثلة المذكورة فيها ... الخ (١).
أقول : وهذا ممّا لا ينافي الاستدلال بها لأصالة الحلّ ، إذ ليس مقصود الإمام عليهالسلام بهذه الرواية بيان مجاري أصالة الحل على النحو المصطلح ، بل غرضه بيان أنّ الموضوعات التي يبتلى بها المكلّف جميعها من المشتبهات التي لا يعلم واقعها ، ومع ذلك لا ينبغي الاعتناء بالشكّ في شيء منها ، ما لم يعلم كونه حراما بطريق علمي أو ما يقوم مقامه من بيّنة ونحوها ، فهذه الأمثلة بملاحظة كونها موردا لقاعدة اليد ، وأصالة الصحّة ، تندرج في موضوع هذه القاعدة الكلّية التي بيّنها الإمام عليهالسلام ، وهي عدم الاعتناء بالشكّ في الحرمة ما لم تثبت ، وعند الإغماض عن هذين الأصلين تكون هذه الموارد ممّا قام على حرمتها ما هو مثل البيّنة ، وهو الاصول الموضوعية الثابت اعتبارها بالأدلّة الشرعية ، فلاحظ وتدبّر.
قوله قدسسره : لم يسلّم وجوبه شرعا (٢).
أقول : يعني انّ العقل انّما يحكم بقبح ارتكاب مظنون الضرر من حيث هو ولا استحالة في أن يرخّص الشارع في ارتكابه لبعض المصالح التي يراها الشارع ولا يدركها العقل وحكم العقل بوجوب التحرّز عنه معلّق على أن لا يكون فيه مصلحة تتدارك بها المضرّة ، فليس في الحكم بجواز ارتكابه شرعا تفكيك بين حكم الشرع
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢٢١ سطر ٣ ، ٢ / ١٢٠.
(٢) فرائد الأصول : ص ٢٢١ سطر ٢٢ ، ٢ / ١٢٣.