والعقل كما قد يتراءى من ظاهر العبارة ومنع استقلال العقل في المضار الدنيويّة منشؤه عدم كون الضرر فيها ممحضا وإلّا فالعقل مستقلّ بقبح الاقدام على الضرر الموهوم أيضا إذا كان محضا فضلا عن المظنون وحيث لا يكون الضرر في المضار الدنيويّة محضا لا يستقل العقل بوجوب التحرّز عمّا فيه مفسدة من بعض الجهات فضلا عن احتماله أو الشّك فيه ، ولذا نحتاج في إثبات حرمته شرعا إلى الآلة التعبّدية.
قوله قدسسره : والثاني مدفوع ... الخ (١).
أقول : ستعرف في مبحث الاستصحاب الإشكال في كفاية أصالة عدم التذكية في الحكم بالحرمة والنجاسة ، وإن قلنا بأنّ موضوعهما غير المذكّى ، وإنّ الحلّية والطهارة تتوقّفان على أسباب وجودية مخالفة للأصل ، دون الحرمة والنجاسة ، فانتظر.
قوله قدسسره : أقواهما العدم (٢).
أقول : حكى سيّد مشايخنا (أدام الله بقائه) (٣) عدم ذكر لفظ «أقواهما» في النسخة المرقومة بخط المصنّف رحمهالله ، فهو بحسب الظاهر من تحريفات النسّاخ. وكيف لا ومن المعلوم من مذهب المصنّف رحمهالله جريان الاحتياط في العبادات ، والاكتفاء في صحّة العبادة بحصولها بداعي الأمر المحتمل ، على تقدير مصادفة الاحتمال للواقع.
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢٣٣ سطر ٤ ، ٢ / ١٢٨.
(٢) فرائد الأصول : ص ٢٢٨ سطر ١٧ ، ٢ / هامش ص ١٥٠.
(٣) هو الفقيه المجدد ، الإمام الميرزا محمّد حسن الشيرازي ، ولد عام ١٢٣٠ ه بشيراز ودرس العلوم الدينيّة في مسقط رأسه واصفهان والنجف الأشرف عند إعلامها ، وتخرج من مدرسة علمين من أعلام النجف البارزين وهما الشيخ محمّد النجفي «صاحب الجواهر» ، والشيخ مرتضى الأنصاري رحمهماالله تعالى ، اختير مرجعا للشيعة بعد وفاة الشيخ الأنصاري عام ١٢٨١ ه إلى حين وفاته سنة ١٣١٢ ه. وسيرته معروفة ومشهورة ومدوّنة.