الواجب الواقعي ، حتّى يتعيّن التكليف بالفرد المشكوك عند تعذّر المتيقّن ، بل يرجع حينئذ إلى البراءة عن أصل التكليف ، كما هو الشأن فيما يقتضيه الأصل العملي عند دوران الشيء بين كونه واجبا نفسيا أو غيريّا ، على ما تقرّر في محلّه ، فلاحظ وتدبّر.
قوله قدسسره : إلّا أنّ جوابه (صلوات الله وسلامه عليه) بالأخذ بأحد الحديثين ... الخ (١).
أقول : ليس في جوابه عليهالسلام دلالة على كون الحديث الأوّل منقولا بالمعنى ، لجواز أن يكون منقولا بلفظه ، لكن المراد منه عمومه حقيقة ، وحيث أنّ الإمام عليهالسلام كان عالما بذلك عمل مع الحديثين معاملة المتعارضين ، وإنّما كنّا نجمع بينهما ـ لو لا هذه الرواية ـ بحمل العام على الخاصّ ، جريا على ما يقتضيه القواعد الظاهرية عند الجهل بإرادة العموم حقيقة ، فتأمّل.
قوله قدسسره : ولكن المشهور بين الأصحاب رضوان الله عليهم ... الخ (٢).
أقول : مورد حكم الأصحاب (رضوان الله عليهم) بحسب الظاهر ، ما إذا علم إجمالا بأنّه فاتت منه فوائت ، كما إذا علم إجمالا ببطلان كثير من صلواته أو فوتها في طول عمره مثلا ، من غير أن يعرف مقدارها ، فإنّ الاقتصار في مثل هذا الفرض على القدر المقدّر المتيقّن ، والرجوع فيما عداه إلى البراءة في غاية الإشكال ، بل الأظهر في مثل الفرض ما عليه المشهور ، من وجوب الاحتياط ، وانّما يرجع في المشكوك إلى البراءة فيما لو انحلّ علمه الإجمالي إلى علم تفصيلي وشكّ بدوي ، كما لو تأمّل بعد علمه الإجمالي فذكر فوت عدّة صلوات مفصّلة وشكّ فيما زاد عليها.
وامّا في مثل الفرض الذي لا يزيده التأمّل إلّا مزيد تحيّر فلا ، فالأخذ بالقدر
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢٣٣ سطر ٥ ، ٢ / ١٦٧.
(٢) فرائد الأصول : ص ٢٣٣ سطر ٢٥ ، ٢ / ١٧٠.