قوله قدسسره : مع أنّ القائل بتغليب جانب الحرمة ... الخ (١).
أقول : بعد الإغماض عن ثبوت البدل للوضوء ، وعدم كون حرمة الوضوء بالنجس ذاتية بل تشريعية ، فلا مانع عن الالتزام بوجوب ترك كليهما ، لا لأجل جواز المخالفة القطعية في الواجب مقدّمة للقطع بالتجنّب عن الحرام ، بل لأجل أنّ الوضوء بكلّ من الإناءين في حدّ ذاته بنظر العقل موضوع مستقلّ ، أمره دائر بين الحرمة والوجوب ، وقضيّة تغليب جانب الحرمة ، اختيار الترك في كلّ من الموضوعين ، كما أنّا ربّما نلتزم بذلك فيما إذا علم أهمّية أحد الاحتمالين ، كاشتباه المرأة الواجب وطئها بنذر وشبهة بالأجنبيّة ، في المثال الآتي على التوجيه الذي سنذكره ، وليست المخالفة القطعية الحاصلة في مثل الفرض ، إلّا كالمخالفة القطعيّة الناشئة من التخيير الاستمراري ، فيما دار الأمر بين المحذورين ، وسنشير إلى أنّه لا محذور فيه ، كما أنّا نوضّحه إن شاء الله في طيّ بعض كلماتنا الآتية.
قوله قدسسره : ويضعّف ما قبله بأنّه يصلح وجها ... الخ (٢).
أقول : امّا عدم صلاحيّته لتعيين الحرمة ، فلأن كون إفضاء الحرمة إلى مقصودها أتمّ إنّما ينفع بعد إحراز أصل الحرمة ، وهي في المقام مشكوكة ، وهذا الوجه لا يوجب قوّة الاحتمال ، ولا ضعف احتمال الوجوب الذي هو سبب تام ، لجواز مراعاة احتماله ، وكون الواجب قد لا يفضي إلى المقصود غير قادح ، بعد كون المكلّف معذورا في ذلك ، على تقدير الوجوب الذي ليس احتماله أضعف من احتمال الحرمة ، فالمكلّف عند أخذه باحتمال الوجوب يعلم بأنّه على تقدير مصادفة الاحتمال للواقع ، إمّا آت بالمقصود ، أو معذور في ذلك.
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢٣٨ سطر ٢٥ ، ٢ / ١٨٧.
(٢) فرائد الأصول : ٢٣٩ سطر ٢ ، ٢ / ١٨٧.