ما يتوجّه عليها من التوهّمات ، بحيث لم يدع لمن تدبّر في كلامه وتعقّله كما هو حقّه مجال للتشكيك فيه ، ولكن لابتناء مطلوبه على مقدّمات عديدة ، قد لا يحصل الإذعان به ، غفلة عن بعض مبادئه ، وعدم إعطاء النظر حقّه ، فبالحري أن نشرحه ببيان آخر ، فربّما يحصل الانس بالمطلب من تأديته بعبائر مختلفة ، وتقريبات متفاوتة.
وليعلم أوّلا أنّ محلّ الكلام في هذه المسألة إنّما هو فيما إذا علم بثبوت وصف الحرمة لذات شيء على الإطلاق ، من غير تقييد بالعلم بذلك الشيء ، كما هو الشأن في جلّ التكاليف الشرعية ، على ما يقتضيه ظواهر أدلّتها ، مضافا إلى القطع بذلك في كثير من المقامات بواسطة المناسبات والعلل المنصوصة وغيرها ، وسائر القرائن الداخلية والخارجية ، المورّثة للقطع بعدم كون العلم بالموضوع مأخوذا قيدا في موضوعيته. وحيث أنّ محلّ الكلام في مثل الفرض ، فلنفرضه في التكاليف العرفية الصادرة من الموالي إلى عبيدهم.
فنقول : إذا كلّف المولى عبده بشيء ، فعلا كان أو تركا ، وجب عليه عقلا ـ بعد علمه بالتكليف ـ الخروج عن عهدته ، على حسب ما تعلّق به غرض المولى وبيّنه له ، فإذا نهاه عن فعل بأن قال مثلا «لا تشرب السكنجبين ما دمت مريضا» ، أو منعه عن إدخال زيد في داره ، أو تمكينه من الدخول ، وجب عليه ترك طبيعة السكنجبين ، وكذا منع زيد عن دخول داره على الإطلاق ، ولا يعذر في مخالفته في شيء من موارد تحقيق جهته المنهيّ عنه ، إلّا أن يكون له عذر مقبول لدى العقلاء ، خصوصا مع علم العبد بمناط الحكم ، واطّراده في جميع الموارد ، وعدم مدخلية العلم والجهل في ذلك ، كما لو علم بأنّ منعه عن السكنجبين لأجل كونه مضرّا له لحموضته ، ومنعه عن تمكين زيد من دخول داره لكونه سارقا ، فلو شرب العبد السكنجبين ، أو مكّن زيدا من الدخول ، وجب عليه إبداء العذر في المخالفة بعد علمه بأصل التكليف ، فإن كان له عذر مقبول كالغفلة والنسيان والجهل ، منع ذلك عن