أقول : ما ذكره ضابطا بين الشّبهة المحصورة وغير المحصورة ، فهو لا يخلو عن جودة ، كما سنشير إليه إن شاء الله ، ولكن قصره مورد حكم الأصحاب بغير المحصورة ، لا يخلو عن نظر كما سيشير إليه المصنّف رحمهالله فتأمّل.
قوله قدسسره : فالظاهر عدم التفكيك في هذا المقام بين المخالفة القطعيّة والمخالفة الاحتماليّة ... الخ (١).
أقول : يعني عدم إمكان التفكيك بينهما في هذا المقام ، وهذا بخلاف المقام الأوّل ، أي ما إذا كانت المخالفة لخطاب معلوم بالتفصيل ، فانّه يمكن الالتزام فيه بالتفكيك ، امّا بدعوى أنّ العقل لا يستقل في باب الإطاعة إلّا بحرمة المخالفة القطعيّة دون الاحتماليّة ، أو بدعوى دلالة بعض الأخبار المتقدّمة عليه ، ببعض التقريبات المتقدّمة ، وشيء منهما لا يتمشّى في المقام ، لأنّه إذا علم بأنّ هذا الماء نجس ، أو ذلك الثوب أو الإناء الآخر الذي هو سكنجبين مثلا مغصوب ، يعلم إجمالا بتوجّه أحد الخطابين إليه بالنسبة إلى ما هو مورد ابتلائه ، امّا خطاب «لا تغصب» أو خطاب «لا تستعمل النجس» فحينئذ إن بنينا على أنّ العلم الإجمالي بتوجه أحد الخطابين المردّد بين خطاب «لا تغصب» و «لا تستعمل النجس» موجب لتنجّز التكليف به ، وعدم قبح المؤاخذة على مخالفته ، فلا يعقل الرخصة في ارتكاب شيء من الطرفين ، لأنّ احتمال كون ذلك الخطاب هو خطاب «لا تغصب» لا يقتضي إلّا ترك ذلك الثوب أو الإناء الذي يحتمل غصبيّته ، فبالتصرّف فيه يعلم تفصيلا بمخالفة ذلك الخطاب على تقدير تحقّقه ، وإن كان ذلك الخطاب هو خطاب لا تستعمل النجس فلا يحصل مخالفته إلّا باستعمال ذلك الماء المحتمل النجاسة ، فلا يعقل في مثل الفرض
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢٤٩ سطر ١٥ ، ٢ / ٢٢٨.