المقام توجيه حكمهم بالاستحقاق ، وبيان مقايسة ما نحن فيه على تلك المسألة لا الحكم بمثل هذا الحكم ، كي يتوجّه عليه الاعتراض بمخالفته لمذهبه ، من عدم استحقاق العقاب على مخالفة الطريق ، عند عدم الإصابة إلّا من حيث التجرّي ، على القول به ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : وكذا لو كان ارتكاب الواحد المعيّن ممكنا عقلا ... الخ (١).
أقول : ستعرف أنّ كون المنهيّ عنه محلّ ابتلاء المكلّف بالفعل ، ليس من شرائط التكليف ، بل هو كإرادة الفعل من مقدّمات حصوله ، ولكن خروج بعض الأطراف عن مورد الابتلاء موجب لخروجه عن مجاري الاصول ، فيبقى الأصل الجاري في الطرف الآخر من حيث هو سليما عن المعارض.
قوله قدسسره : والأقوى الجواز (٢).
أقول : قد تقرّر في محلّه قوّة ما قوّاه ، من أنّ التقييد والتخصيص إذا كانا بقرينة منفصلة ، يقتصر فيهما على القدر المتيقّن ، فيرجع في موارد الشّك إلى أصالة الإطلاق أو العموم مطلقا ، إن كان المقيّد والمخصّص دليلا لبيان إجماع أو عقل ونحوه ، كما فيما نحن فيه ، وإن كان لفظيا فكذلك أيضا ، إذا كان اللفظ مجملا مردّدا بين الأقلّ والأكثر ، ولكن بالنسبة إلى الموارد التي نشأ الشّك فيها من إجمال المفهوم ، كما لو أخذ عنوان الابتلاء قيدا مأخوذا من دليل سمعيّ ، وتردّد مفهومه بين ما لم يكن أجنبيّا عن المكلّف بالمرّة ، أو كان بالفعل مورد حاجته ، فحينئذ يرجع في موارد الشّك إلى الحكم المطلق.
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢٥١ سطر ٣ ، ٢ / ٢٣٤.
(٢) فرائد الأصول : ص ٢٥٢ سطر ١٦ ، ٢ / ٢٣٨.