فإن قلنا : بأنّ الاجتناب عن النجس لا يحصل إلّا بالاجتناب عنه وعن ملاقيه ، يجب الاحتياط في الجميع.
وإن بنينا على أنّ الاجتناب عن الملاقي حكم شرعي آخر تابع لدليله ، جرى بالنسبة إليه الأصل ، كما حقّقه المصنّف رحمهالله ، فليتأمّل.
قوله قدسسره : كما استفيد نجاسة البلل المشتبه ... الخ (١).
أقول : هذا تنظر للمقام لا تمثيل.
قوله قدسسره : لو اضطرّ إلى ارتكاب بعض المحتملات فإن كان بعضا معيّنا (٢).
أقول : توضيح الفرق بين ما لو اضطرّ إلى واحد معيّن قبل العلم الإجمالي ، وبين ما لو اضطرّ إليه بعده ، هو أنّ الاضطرار إلى الحرام رافع لحرمته واقعا ، إذ ما من حرام إلّا وقد أحلّه الله لمن اضطرّ إليه ، فمتى اضطرّ إليه ، فمتى اضطرّ إلى واحد معيّن ، يحتمل أن يكون ذلك المعيّن هو الحرام الواقعي ، المردّد المرتفع حرمته لأجل الاضطرار ، كما أنّه يحتمل أن يكون الحرام المعلوم ذلك الآخر ، فيكون حراما فعليّا ، فاتّصاف الحرام المعلوم إجمالا بصفة الحرمة فعلا غير معلوم ، فيرجع في الطرف الآخر ـ الذي يحتمل أن يكون حراما فعليّا ـ إلى أصل البراءة.
وإن شئت قلت : إنّ الواحد المعيّن الذي اضطرّ إليه حلال في حقّه جزما ، سواء كان نجسا أو خمرا أو نحو ذلك أم لم يكن ، والطرف الآخر شيء مشكوك الحلّية ، فيرجع فيه إلى الأصل السالم عن المعارض ، وهذا بخلاف ما لو اضطرّ إلى
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢٥٣ سطر ٩ ، ٢ / ٢٤١.
(٢) فرائد الأصول : ص ٢٥٤ سطر ١٨ ، ٢ / ٢٤٥.