رجع في حكم سائر الأطراف إلى قاعدة البراءة ، وإن اضطرّ إليه بعد العلم ، أو اضطر إلى واحد غير معيّن ـ سواء كان قبل العلم أم بعده ـ عمل في سائر الأطراف بما يقتضيه قاعدة الشّغل.
قوله قدسسره : قد يمنع الابتلاء دفعه في التدريجيات (١).
أقول : ما ذكره قدسسره فارقا بين التدريجي والدفعي في غاية الإشكال ، إذ لا امتناع عقلا ولا عرفا ، بل ولا استهجان أبدا في توجيه الخطاب إلى المكلّف ، بترك الفعل في زمان متأخّر عن زمان الطلب ، بأن قال مثلا «صمّ يوم الخميس» أو قال «لا تصمّ يوم الخميس» أو أمره بوطء زوجته في اليوم الأوّل من الشهر المقبل ، أو بترك وطيها في ذلك اليوم ، كما هو الشأن في جميع التكاليف الموقّتة ، فلو توقّف الخروج عن عهدة شيء منها على مقدّمة كالمشي إلى الحجّ مثلا ، لا يعذر المكلّف في مخالفتها بترك تلك المقدّمة ، التي يعلم بأنّه لو تركها يقع في مخالفة ذلك التكليف ، فإذا تردّد ذلك التكليف ـ وجوبيا كان أو تحريميا ـ بين أمرين مختلفين بالزمان ، وجب عليه الاحتياط بلا تأمّل ولا إشكال ، عدا الإشكال المعروف بالنسبة إلى جميع التكاليف الموقتة التي يجب التهيؤ للخروج عن عهدتها في وقتها قبل حضور أوقاتها ، وقد فرغنا عن حلّ هذا الإشكال في محلّه ، فتنظير هذه الموارد على ما كان بعض أطراف الشبهة خارجا عن مورد الابتلاء قياس مع الفارق ، إذ الخطاب بغير المبتلى به غير منجّز ، بمعنى أنّه ليس لوجوب الاجتناب عنه بالنسبة إلى المكلّف الذي ليس من شأنه الابتلاء به أثر عملي فيستهجن عرفا ، بل يقبح عقلا نهيه عنه لو اريد بذلك بعثه على الترك ، كما تقدّم توضيحه فيما سبق ، وهذا بخلاف ما نحن فيه ، فانّه بعد علمه
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢٥٥ سطر ٢٣ ، ٢ / ٢٤٨.