بالمخالفة للحكم الواقعي ، ففي المقام أيضا يجب الالتزام بوجوب فعل أحدهما وترك الآخر ، فرارا عن حصول القطع بالمخالفة ، فلاحظ وتدبّر.
قوله قدسسره : نعم لو شكّ في اعتبارها ... الخ (١).
أقول : التشكيك والإجمال في موضوع الإطاعة التي يستقل بحكمها العقل غير معقول ، والرجوع إلى الشرع والعرف في تشخيص موضوع حكم العقل لا معنى له ، وقد أشبعنا الكلام في ذلك في الفقه في نيّة الوضوء ، وتقدّم شطر منه في مبحث القطع ، وسيأتي بعض الكلام فيه أيضا في مبحث استصحاب حكم العقل ، فتبصّر.
قوله قدسسره : بل يمكن أن يجعل هذان الاتّفاقان ... الخ (٢).
أقول : لو تمّ هذا الدليل وتمخض عن المناقشات المذكورة في محلّها ، لدلّ على اعتبار معرفة الوجه في تحقّق إطاعة أوامر الشريعة من باب التعبّد ، إذ المفروض أنّه لا شكّ في حصول الإطاعة عرفا عند الإتيان بالمأمور به بنيّة الوجه الثابت عليه في الواقع ، فيكون الإجماعان المعتضدان بالشهرة كاشفا عن أنّ الشارع تصرّف في كيفية الإطاعة ، وجعل المعرفة التفصيليّة شرطا في تحقّقها ، ولو نوقش في الاستدلال بهما فلا أقلّ من كونهما موجبا للشكّ الملزم للاحتياط ، ولكن هذا في حقّ العامّي الجاهل عن الاجتهاد والتقليد ، الذي ليس وظيفته العمل بالبراءة في نفي الأحكام الشرعية ، كما هو محلّ الكلام ، وامّا المجتهد فيعمل بالبراءة ، ولا ينافيه ما ذكره المصنّف آنفا من أنّ المرجع لدى الشّك في حصول الإطاعة بدونه اصالة الاحتياط لا البراءة ، لأنّ هذا فيما لو شكّ في اعتباره في كيفية الخروج عن عهدة التكاليف عرفا
__________________
(١) فرائد الأصول : ص ٢٩٩ سطر ١ ، ٢ / ٤٠٧.
(٢) فرائد الأصول : ص ٢٩٩ سطر ١٣ ، ٢ / ٤٠٩.