نعم ، ذكر العضدي في «الشرح» ما ينافي بظاهره ذلك ، حيث قال بعد بيان الفرق بين الاصطلاحين :
«واعلم أنّ الحاصل أنّ الدليل عندنا على إثبات الصانع هو العالم ، وعندهم أنّ العالم حادث ، وكلّ حادث له صانع» انتهى.
وتبعه فيما أفاده بعض المحقّقين من المتأخّرين ، ولكنّك خبير بأنّ ذات العالم من حيث هي ليست ممّا يتوصّل بالنظر إليها إلى إثبات الصانع ، بل المتوصّل به إليه إنّما هو وصفه ، أعني حدوثه ، فتسميته العالم دليلا إمّا مسامحة أو اشتباه ، وكيف لا ، مع أنّ مصداق الدّليل عند الاصوليين إنّما هو الكتاب والسنّة والإجماع والعقل ، وهي أوساط لإثبات الأحكام الفرعيّة لموضوعاتها لا غير.
ويؤيّد ما ذكرنا ما علّقه بعض على بعض الكتب الاصولية الذي لم أعرف مصنّفه ما لفظه :
«وحيث كان المستلزم للعلم بالنتيجة هو العلم بالقياس ، كان هو الدليل ، كما عليه هل الميزان ، وامّا غيرهم من أهل المعقول ، فالدليل عندهم محمول الصغرى ، كالمتغيّر في قولنا «العالم متغيّر» والوجه هو الأوّل ، لأنّ العلم بالتغيّر إنّما يستلزم العلم بالحدوث بواسطة الكبرى القائلة «إنّ كلّ متغيّر حادث ، وكيف كان هو اصطلاح ولا مشاحة فيه» ، انتهى.
وقد أشرنا إلى أنّ اصطلاح الاصوليين أيضا ينطبق على هذا الاصطلاح ، كما هو ظاهر عبارة المصنّف قدسسره ، ويمكن الاعتذار عنهم عمّا أورده في المقام بأنّهم يعتبرون ذلك شرطا للتوصّل لا جزء للدليل ، إذ بدون العلم بذلك لا يتحقّق صحيح النظر ، فاعتباره وصفا للدليل مغن عن ذلك ، وقد صرّح المحقّق القمّي قدسسره في بعض حواشيه على القوانين بذلك فلاحظ.
هذا ، مع امكان أن يقال إنّ اصطلاح غير أهل الميزان أنسب من اصطلاحهم ،