الدور الظاهر.
وامّا الثاني : وهو كون الجهل بالحكم ـ في هذه المسألة ـ كالجهل بالموضوع عذرا.
ففيه : إنّه إن اريد به كون الجاهل بالحكم كالجاهل بالموضوع معذورا شرعا أو عقلا في مخالفة تكليفه الواقعي ، فلا يصحّ مؤاخذته كما في الجاهل بالموضوع.
وإن اريد به كونه معذورا في الاجتزاء بما صدر منه بدلا عمّا وجب عليه في الواقع ، أي في الحكم الوضعي دون التكليفي ، فهو عين الإشكال.
وإن اريد به معنى آخر فلا نتعقله.
وامّا الثالث : وهو الالتزام بعدم كون الغافل مكلّفا بالواقع وكونه مؤاخذا على ترك التعلّم ، فعلى تقدير صحّة الالتزام به ، فهو لا يجدي في حلّ الإشكال في مثل الفرض المتقدّم ، إذ غاية ما يمكن الالتزام به ، إنّما هو جواز مؤاخذة الجاهل بالحكم على ترك التعلّم ، فيما لو استمرّ جهله إلى أن خرج زمان الخروج عن عهدة الواجب والمفروض أنّه عرف تكليفه قبل فوات الوقت ، ولكن لم يعد صلاته حيث أنّ الشارع أمضى ما صدر منه ، فأيّ فرق في استحقاق العقاب وحسن المؤاخذة على ترك التعلّم بين جاهلين حصل لهما العلم بوجوب القصر على المسافر قبل خروج وقت الصلاة ، وقد صلّى أحدهما تماما في أوّل الوقت ، فلم يعد تعويلا على إمضاء الشارع لفعله ، فكيف يصحّ عقاب هذا الشخص دون الآخر الذي لم يصلّ في أوّل الوقت فصلّى قصرا ، مع أنّ ترك الأوّل للقصر نشأ من إمضاء الشارع لفعله ، وإلّا لكان يخرج عن عهدة ما وجب عليه في الواقع قبل فوات وقته!.
وبما ذكرنا ظهر لك ما يتوجّه على الوجه الأخير ، وهو انقطاع الخطاب عند الغفلة ، مع كونه في حال غفلته مكلّفا بالواقع ومعاقبا على مخالفته.
توضيحه : إنّ مخالفته للواقع في الصورة المفروضة نشأ من إمضاء الشارع