تعلّق الأمر به كما لا يخفى ، وهذا هو الفارق بين القول بالاجزاء ، والقول بالتصويب كما تقدّمت الإشارة إليه في أوائل حجّية الظنّ. ولعلّه لذا أمر بالتأمّل.
وكيف كان ، فهذا الوجه أيضا لا يجدي في رفع التنافي بين صحّة فعله ، واستحقاق المؤاخذة على ترك الواقع ، خصوصا في الصورة المفروضة أيضا كما لا يخفى.
قوله قدسسره : ويردّه أنّا لا نعقل الترتّب في المقامين (١).
أقول : قد تقرّر في محلّه أنّ الترتّب معقول ، بل هو في الشرعيّات والعرفيات فوق حدّ الاحصاء ، وقد تعرّضنا لبعض ما يتوجّه عليه من النقض والإبرام في مبحث التيمّم ، وغيره من المواضع المناسبة له في الفقه فراجع.
وموضوعه الذي وقع الكلام فيه هو أنّه هل يعقل تعلّق الأمر بإيجاد فعلين متضادّين في زمان واحد ، بأن يكون الأمر المتعلّق بأحدهما مطلقا غير مشروط بشيء ، وبالآخر مشروطا بكونه تاركا لامتثال الطلب المطلق ، بأن يقول المولى لعبده مثلا «اشتغل اليوم بالعمل الفلاني ، فان لا تمتثلني في هذا الفعل فافعل كذا» ، ولكن ما نحن فيه بحسب الظاهر ليس من هذا القبيل ، مع أنّ الالتزام بكونه من هذا القبيل لا يجدي في رفع التنافي بين صحّة فعله واستحقاق العقاب على ترك القصر في مثل الفرض المتقدّم ، وهو ما لو علم بالحكم في الوقت وترك القصر تعويلا على امضاء الشارع لفعله ، بل الظاهر أنّه من قبيل تعدّد المطلوب ، بمعنى أنّ طبيعة الصّلاة في حدّ ذاتها لها مصلحة ملزمة اقتضت وجوبها ، وكونها في ضمن هذا الفرد فيه أيضا مصلحة اخرى ملزمة ، فاجتماع كلتا المصلحتين في هذا الفرد أوجب تأكّد طلبه ، فإذا أتى بالطبيعة في ضمن فرد آخر فقد أحرز المصلحة المقتضية لتعلّق الطلب بصرف
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٠٩ سطر ٨ ، ٢ / ٤٤٠.