الطبيعة ، فلا يعقل بقائها بعد بصفة الوجوب ، وبعد ارتفاع الوجوب المتعلّق بالطبيعة يتعذّر عليه إحراز مصلحة الخصوصية ـ سواء خرج وقت الفعل أم بقى زمانه ـ إذ المفروض أنّ المصلحة المقتضية لخصوص الفرد تعلّقت بإيجاده امتثالا للطبيعة ، وقد فرضنا سقوط الأمر المتعلّق بالطبيعة بحصولها في الخارج ، مثلا إذ اقتضى الإفطار في شهر رمضان وجوب عتق رقبة من حيث هي ، ولكن كان في عتق المؤمنة مزيّة مقتضية لأرجحية عتقها كفّارة عن الافطار ، فهذه المزيّة قد لا تنتهي إلى مرتبة الإلزام ، فلا يجب مراعاتها ، وقد تنتهي إلى هذه المرتبة ، فإذا أعتق المكلّف رقبة غير مؤمنة فقد أتى بما يقتضيه الإفطار ، ولكن فوّت على نفسه المزيّة التي وجب عليه رعايتها ، فيستحق العقاب عليها ، ولا يمكنه تداركها بعد ارتفاع الطلب المتعلّق بنفس الطبيعة.
إن قلت : مقتضى ما ذكرت عدم وجوب إعادة الصلاة بالإخلال بالخصوصية عمدا ، وهو باطل.
قلت : لا ندّعي أنّ ماهية الصلاة من حيث هي مطلوبة مطلقا كيفما اتّفقت ، وإنّما المقصود بيان إمكان ذلك ، وإلّا فمن الممكن تقييد مطلوبية صرف الطبيعة بعدم كونها مشوبة بالتجرّي ، كما هو الشأن بالنسبة إلى العالم دون الناسي والجاهل ، فلاحظ وتدبّر.
قوله قدسسره : فمقتضى أدلّة البراءة ـ حتّى العقل ، كبعض كلمات العلماء ـ عدم وجوب الفحص (١).
أقول : امّا دلالة الأدلّة النقلية ـ كحديث الرفع والتوسعة ونحوهما ممّا هو شامل للشبهة الوجوبية ـ فغير قابلة للتأمّل ، ولا ينافيه تقييدها بالنسبة إلى الشّبهات
__________________
(١) فرائد الاصول : ص ٣٠٩ سطر ١٣ ، ٢ / ٤٤٢.